حرب السودان .. انتصار القوات المسلحة وتحرك المجتمع الدولي

حرب السودان .. انتصار القوات المسلحة وتحرك المجتمع الدولي

أمدرمان: الهضيبي يس

شكّلت خطوة سقوط مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور في يد مليشيا الدعم السريع، وما صاحبها من انتهاكات إنسانية ومجازر، نقطة فارقة على مستوى جهود استرداد إقليم دارفور الذي أضحى مستباحاً بصورة اقتصادية، وبشرية، وتنموية، وثقافية، واجتماعية. وتعتبر مسألة العودة لما قبل 15 من شهر أبريل لعام 2023 والتعايش مجدداً مع “الدعم السريع” أحد القضايا التي حسم فيها الجيش نقطة الخلاف والجدل فيها في أي تفاوض متوقع، ووضع شرط التفكيك والتجميع في معسكرات بعد وضع السلاح والخروج من المدن للقبول بالهدنة.

 

 

وبدأ الجيش التحرك عقب ترتيب صفوفه مجدداً، حيث استطاعت القوات المسلحة والقوات المساندة لها من تحقيق انتصارات باهرة في محاور القتال وتمكنت من استرداد مناطق أم دم حاج أحمد، وكازقيل، بولاية شمال كردفان، وهي تتجه نحو مدينة “بارا”، ما يعني أن الأولوية باتت لاسترداد أكبر الأقاليم السودانية وأغناها بالموارد الطبيعية تفادياً لمسعى الدعم السريع لخنق ممرات الاقتصاد والإنتاج.
وكان رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قد أعلن التعبئة العامة وفتح أبواب المعسكرات لمجابهة ما يحيق بالبلاد من خطر بات يهدد الأمن القومي السوداني في مجمل متطلبات الحياة اليومية بصورتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
وما تزال مساعي وتحركات المجتمع الإقليمي والدولي تدور في محطة خريطة مجموعة الرباعية لحل الأزمة السودانية وإنهاء الحرب، حسب ما ذكر بشأن محادثة أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية مسعد بولس، والتأكيد على ضرورة الإسراع في إنفاذ بنود ما ورد بخريطة الطريق لتخفيف المعاناة عن السودانيين.
واستنادا لما سبق فإن هنالك إشارات بوجود معادلة جديدة على مستوى إدارة شؤون الحرب في السودان التي تقترب من الثلاث سنوات، سيما عقب تمدد رقعة الاقتتال وصولاً لمرحلة المهددات والمخاطر الإقليمية على دول الجوار السوداني، مصر، جنوب السودان، إثيوبيا، ليبيا، مروراً بمنطقة الشرق الأوسط، والاتحاد الأوروبي، من حيث تصاعد وتيرة عمليات الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، وتجارة السلاح والمخدرات، وتهريب الموارد النفيسة مثل الذهب.
ويؤكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إبراهيم ناصر أنه عقب تطورات الأوضاع في السودان على صعيد ما حدث من مجازر بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، والتي تعتبر من نواحٍ استراتيجية نقطة بالغة الأهمية للربط بين وسط وغرب أفريقيا، كذلك استشعار وتزايد حجم المخاوف لدى الأسرة الدولية وهي تتابع وتراقب وتطّلع على حجم الانتهاكات التي يقوم عناصر الدعم السريع بإرتكابها وتوثيقها، أنهم باتوا حقاً أمام مليشيا إجرامية أضحت تهدد مصالح الأمن والسلم الدوليين.
ويضيف ناصر: ما تقوم به مليشيا الدعم السريع لن يقف عند هذا الحد قطعاً وستذهب لأبعد من ذلك ما لم يسرع العالم في إنهاء هذا المشروع الذي تتبناه هذه القوة العسكرية، فضلاً عن طبيعة المخاطر التي تتشكل في قضايا مثل ممارسة الجرائم العابرة للحدود وصولاً لمرحلة القرصنة وتهديد الاقتصاد العالمي بضرب منشآت اقتصادية ومشاريع تجارية تربط بين السودان ودول الجوار، مما يتطلب التحرك بتكوين حلف لمواجهة هذه القوة الحاملة للسلاح. وزاد: إنهاء الحرب يظل أمراً مطلوباً، ولكن وفقاً لمعطيات وإرادة عسكرية وسياسية داخلية وليس بإذعان وخريطة طريق خارجية تقوم على تسوية ثنائية، باعتبار أن الجيش يحظى بتأييد كبير من قبل المواطنين السودانيين، ما يستدعي تغيير وتكثيف العمليات “العسكرية” والتحرك نحو استرداد المناطق ذات الطبيعة الإنتاجية.
وبشأن المجتمع الدولي يقول إبراهيم ناصر إنهم بالطبع يبحثون عن مصالحهم، ولابد من إدارة مفهوم اللعبة السياسية بذات المنطق والورقة، بمعنى البحث عن مصالح السودان بما يكفل له الحفاظ على أرضه وصون سيادته وشعبه.