شعراء عرب في ديوان الغناء السوداني
شعراء عرب في ديوان الغناء السوداني
بقلم: أمير أحمد حمد
الأغنية السودانية منذ ظهورها في مطلع العشرينيات إلى يومنا هذا قد تفردت في محتواها الشعري، بحيث إن كثيراً من المطربين، وبالذات في الفترة التي أعقبت فترة الحقيبة، قد تناولوا أشعار وكلمات بعض الشعراء العرب وسودنوها، فصارت جزءاً من ثقافة المجتمع السوداني، فغنوها بالسلم الخماسي، فأطربوا أنفسهم بها، ومن ثم انتقل هذا الطرب إلى المستمع السوداني، واختيار بعض المطربين لهذه النصوص يرجع أولاً إلى ثقافة ذلك الفنان وإعجابه بالنص، وهذا الإعجاب يقوده إلى تلحين النص بنفسه، فمعظم أغنيات الشعراء العرب يقوم بتلحينها الفنان ذاته إن لم يكن كلها.
فمنذ عهد الحقيبة نجد خليل فرح قد أقحم عمر بن أبي ربيعة بقصيدته:
“أعبدُه ما ينسى مودتك القلب”، ثم جاء بعده ملك التم تم زنقار فاستضاف الشاعر إلياس فرحات حينما غنّى قصيدتين من أشعاره، وهي قصيدة “عروس الروض” و“يا حبيبي يا حبيبي”.
أما في عصر الوترّيات، أي الفترة التي أعقبت فترة الحقيبة، فقد ضجّ ديوان الغناء السوداني بمجموعة من الشعراء العرب، فقد تناولوا أعمالهم. فنجد حسن عطية قد تغنّى للشاعر المصري إسماعيل الحبروك بأغنية “كل شيء راح وانقضى” التي غنتها نجاة الصغيرة، فسودن أبو علي اللحن.
كذلك نجد الفنان أحمد المصطفى قد غنّى للشاعر أحمد رامي بأغنية “راحل مقيم”، كما غنّى للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي تلك الأغنية الوطنية “وطن النجوم أنا هنا… أتذكر من أنا… أنا ذلك الولد الذي دنياه كانت ههنا”.
ولا نذهب بعيداً في هذه الفترة، فنجد الفنان التاج مصطفى قد تناول أيضاً شعراء عرب مثل الشاب الظريف، فغنّى له “لا تخف ما فعلت بك الأشواق”، والشاعر أبو بكر بن زهير الأندلسي أغنية “أيها الساقي”، وكذلك الشاعر بشارة الخوري أو الأخطل الصغير فغنّى له أغنية “مي”، وكذلك غنّى من كلمات الشاعرة محاسن رضا أغنية “أطياف”.
كذلك الفنان عثمان حسين فقد غنّى من كلمات الشاعر السعودي عبد الله القرشي أغنية “غرد الفجر فهيّا يا حبيبي”. ونجد أن الفنان صلاح محمد عيسى غنّى من أشعار الشاعرة الكويتية سعاد الصباح أغنية “أنت أدري”، وغنّى من كلماتها أيضاً الفنان صالح سعد أغنية “لا تقولي”، ولحنها الملحن عمر الفاروق.
أما الفنان عبد الكريم الكابلي فقد كان أكثرهم اختياراً لنصوص شعراء عرب من مختلف عصور الشعر العربي، فغنّى لشعراء من العصر الجاهلي والأموي والعباسي وشعراء العصر الحديث، فغنّى للبحتري وأبي تمام والمتنبي:
“أرى ذلك القرب قد صار ازوراراً وصار كثير السلام اختصاراً”.
وكذلك غنّى:
“مالنا كلنا جوى يا رسول… أنا أهوى وقلبك المتبول
كل من بعثتُ إليها غار مني وخان فيما يقول”.
وكذلك غنّى من كلمات يزيد بن معاوية:
“نالت على يدها ما لم تنله يدي…” إلى نهاية القصيدة الرائعة.
وكذلك غنّى من كلمات أبي فراس الحمداني “معللتي بالوصل”، التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم.
ومن شعراء العصر الحديث غنّى للعقاد “شذى زهر”، و“بشير الزمان”، ولأحمد شوقي “صداح يا كنار”، وللبحريني “أغلى من لؤلؤة بيضاء صيدت من شط البحرين”. وهذا قليل من كثير مما تغنّى به الكابلي لشعراء عرب.
ونجد أيضاً الفنان حسن سليمان الهاوي غنّى من كلمات الشاعر أبو القاسم الشابي “صلاة في هيكل الحب”، وكذلك الفنان حسن خليفة العطبراوي غنّى من كلمات الشاعر محمود شعبان أغنية “في الأسى ضاعت سنيني… إذا ما متّ اذكريني”.
وكذلك الفنان حمد الريح غنّى من كلمات نزار قباني “حبيبتي إن سألوك يوماً”، وكذلك من كلمات الشاعر اليمني مبارك لطفي أمان أغنية “عندما كنت صبياً”.
كما نجد الفنان عبد الدافع عثمان غنّى من كلمات الشاعر اليمني علي أحمد باكثير أغنية “يوم البحيرة”، لحن عربي الصلحي.
كذلك نجد الفنان العاقب محمد حسن قد سار على نفس النهج، وغنّى من كلمات الشاعر السعودي عبد الله الفيصل “حبيب العمر هل مات الهوى في حنايانا”، وكذلك غنّى من كلمات الشاعر المصري مصطفى عبد الرحمن أغنية “يا حبيبي ظمئت روحي وحنت للتلاقي، وهفا قلبي إلى الماضي وناداني اشتياقي”، وكذلك غنّى من كلماته “الثنائي الوطني” أغنية “أمة الأمجاد”، والتي غنّاها أيضاً العطبراوي بلحن مغاير للحن الثنائي الوطني.
ونكتفي بهذا في هذا المقال، فالشعراء العرب شكلوا حضوراً كبيراً في بهو الغناء السوداني، ونواصل في مقال آخر بإذن الله.