معارك كردفان .. الجيش ينتصر والمليشيات تحتضر
تحرير بارا وأم سيالة يعيد رسم خريطة السيطرة
معارك كردفان .. الجيش ينتصر والمليشيات تحتضر
تقرير: مجدي العجب
في خطوة حاسمة تعكس تصاعد زخم العمليات العسكرية لصالح الدولة، أعلنت مصادر عسكرية عن تحرير القوات المسلحة والقوات المساندة لها مدن بارا وأم سيالة وأم سنطة في إقليم كردفان، مطلقة بذلك مرحلةً جديدة من الانفتاح الاستراتيجي على محاور كانت حتى وقت قريب تحت قبضة المليشيا المتمردة. هذا التطور النوعي لم يأتِ فقط ليعيد هذه المناطق إلى حضن الشرعية، بل ليؤكد قدرة القوات المسلحة على استعادة زمام المبادرة، وتغيير ملامح المشهد الميداني لصالح الشعب الذي يتطلع إلى عودة الأمن والاستقرار. وبينما يواصل الجيش تقدمه بثبات، تتجدد آمال المواطنين في أن بزوغ فجر التحرير الكامل بات أقرب من أي وقت مضى. وبتحرير بارا وأم سيالة وأم سنطة يمسك الجيش السوداني باستعادة زمام المبادرة الميدانية، حيث أحرزت القوات المسلحة تقدمًا حاسمًا بتحرير مدن بارا وأم سيالة وأم سنطة الواقعة في ولاية شمال كردفان، بعد معارك خاطفة ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة. هذه الخطوة تُعدّ من أبرز الإنجازات العسكرية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وتؤشر إلى تغيّر ملموس في موازين القوى على الأرض.
بارا بوابة كردفان الشمالية
مدينة بارا الاستراتيجية، التي طالما شكّلت عقدة وصل بين شمال كردفان ومنطقة الوسط، كانت هدفًا مبكرًا لمليشيا الدعم السريع التي سعت إلى استغلال موقعها الحيوي للسيطرة على طرق الإمداد. تحرير بارا يعيد للدولة السيطرة على مفترق طرق أساسي، ويمثل رسالة واضحة بأن الجيش قادر على حماية مراكز الثقل السكاني والتجاري.
أم سيالة نقطة تحول
تحرير أم سيالة جاء ليمثل ضربة موجعة للمليشيا المتمردة، إذ كانت تستخدم المنطقة نقطة انطلاق لإدارة عملياتها ضد المدنيين وقطع الطرق بين المدن. السيطرة عليها تعني عمليًا تضييق الخناق على المتمردين وتحجيم قدرتهم على المناورة والتمركز.
أم سنطة كسر حلقة التمدد للمليشيا
أما أم سنطة، فكانت إحدى نقاط التمدد التي سعت مليشيا الدعم السريع لاستخدامها كحاضنة لوجستية. تحريرها يشير بوضوح إلى استراتيجية الجيش الرامية لعزل المليشيات في جيوب محدودة وقطع خطوط الإمداد بينها، مما يمهد الطريق لتحرير مناطق أخرى في كردفان ودارفور.
انفتاح استراتيجي وتقدم كاسح
يدشن هذا التحرير مرحلةً جديدة من الانفتاح العسكري الميداني للجيش الذي يتحرك بخطى ثابتة نحو تطهير بقية المناطق المحتلة، مدعومًا بحاضنة شعبية واسعة، وتأييد رسمي متزايد لاستعادة الدولة السيطرة الكاملة على أراضيها. المراقبون يرون في هذه الخطوة بداية عملية إعادة انتشار واسعة تعيد للجيش المبادرة، وتؤهله لاستعادة السيطرة على كامل المثلث الحيوي بين كردفان ودارفور والخرطوم.
نقاط حاكمة
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي دكتور محي الدين محمد محي الدين إن الأهداف الاستراتيجية لتحرير الجيش السوداني مدنًا مثل بارا وأم سيالة وأم سنطة كبيرة وعظيمة، وأضاف في حديث خصّ به “ألوان” أن هنا بداية دحر مليشيا الدعم السريع، لأن تحرير مثل هذه المدن يعني نقاطًا حاكمة في محور كردفان، ولفت إلى أن الجيش بيده المبادرة وهو يتحرك وفق الترتيبات العسكرية والاستراتيجية التي تجهلها مليشيا الدعم السريع.
وذهب في حديثه لنا قائلًا: هذه المدن التي تم تحريرها اليوم من دنس المليشيا تمكّن الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى والقوة المشتركة من الانفتاح الواسع وتحرير ما تبقى من مدن كردفان والانطلاق غربًا نحو كردفان.
تحقيق الأهداف الاستراتيجية
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء (م) محمد المصطفى أن تحركات القوات المسلحة في مسارح كردفان العملياتية لاستعادة الأمن والاستقرار وطرد مرتزقة الجنجويد ليست مفاجئة أو حدثًا جديدًا، بل متوقعة وظل الجميع يُناظرها على أحرّ من الجمر. ويضيف في تصريح لـ”ألوان”: اليوم انطلقت هذه المتحركات في عدة محاور، ولا شك أن توسع هذه التحركات يوسّع دائرة الأمان ويبعد التهديد عن مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان والمدينة ذات البعد الاستراتيجي في ميدان المعركة والحسابات السياسية.
وما يزيد هذه التحركات أهمية هو أنها تأتي بعد سقوط مدينة الفاشر في أيدي التمرد بعد انسحاب القوات المسلحة منها انسحابًا تكتيكيًا، وفي ظل الحصار على مدينة بابنوسة، قيادة الفرقة 22 مشاة، وذات البعد الآخر في ميدان المعركة والتي ظلت محاصرة مثل حالة الفاشر فترة طويلة.
وزاد في قوله لنا: اليوم هذه التحركات تُعتبر قربًا لفك الحصار عنها واستعادة مدينة بارا وأم سيالة وغيرها من المحاور، وفي نشاط متزامن لعدد من المتحركات أربك خطة العدو وشتت جهوده رغم الدعم اللامحدود من قبل القوى الدولية والإقليمية. وفي حالة استعادتها يعني ذلك أن العدو قد تضعضع وانشلت حركته، وموقع مثل أم سيالة له أهمية كبيرة وتأثير قوي على المعركة، وكذلك بارا وجنوب كردفان. ويعتبر هذا التقدم المتزامن ضربة في خاصرة التمرد بلا شك، وسيخسر في معركته وستتراجع قواته لتعدد الأهداف وتراكم الهجوم، حيث المبادرة الآن بيد القوات المسلحة ومسانديها.
وهذه التحركات تجعل العدو مرتبكًا ومشتتًا في الذهن ويَبقى ضعيفًا، مما يعجل بانهياره أمام هذه التحركات. ولا يستطيع العدو أن يركز مجهوده في منع الجيش من استعادة أم سيالة لأهميتها واستعجال سقوط بابنوسة، لأنه يعلم جيدًا معنى سقوط هذه المواقع، ولذلك سيحرص الجانبان على الاستماتة في هذه المواقع والحفاظ عليها، وتُعتبر هذه معركة فاصلة ومصيرية.
وذهب في حديثه لنا قائلًا: أتوقع أن تطول وأن تستميت فيها قوات التمرد هي وداعموها، رغم أن القوات المسلحة قد جهزت لها جيدًا.
وختم حديثه لنا قائلًا: البعد السياسي لتحركات اليوم يأتي من الزخم الكبير الذي تركته معركة الفاشر عالميًا، بالإضافة للتصريحات التي أطلقها القادة في الحكومة السودانية بأن الحل في الميدان، وذلك ردًا على المبادرة الرباعية وانحياز المجتمع الدولي لصالح المتمردين.