عزيزي الإثنين تحية واحتراما
ولألوان كلمة
حسين خوجلي
عزيزي الإثنين تحية واحتراما
1/ تناظر الوليد بن عبدالملك ومسلمة
تناظر الوليد بن عبدالملك ومسلمة اخوه في شعر امرئ القيس والنابغة في طول الليل أيهما اشعر. فقال الوليد: النابغة اشعر ، وقال مسلمة: امرؤ القيس، فرضيا بالشعبي حكما، فاحضراه فانشده الوليد قول النابغة:
كليني لهم يا اميمة ناصب
وليل اقاسيه بطيء الكواكب
تطاول حتى قلت ليس بمنقضٍ
وليس الذي يرعى النجوب بأيب
وصدر ازاح الليل عازب همه
تضاعف فيه الحزن من كل جانب
وانشده مسلمة قول امرئ القيس:
وليل كموج البحر ارخى سدوله
عليّ بانواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه
واردف اعجازاً وناء بكلكل
ألا ايها الليل الطويل ألا نجل
بصبح وما الاصباح منك بأمثل
فيالك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل شُدت بيذبل
فطرب الوليد طرباً شديداً، فقال الشعبي: بانت القضية.
قال الشاهد: فليته أمسك بإعجابه حتى نرى قول الشعبي.
2/ الجاحظ ومجنون بالكوفة
قال الجاحظ
رأيت مجنوناً بالكوفة فقال لي: من انت؟
قلت: عمرو بن بحر الجاحظ
قال: يزعم اهل البصرة انك اعلمهم.
قلت: ان ذلك ليقال
قال: من أشعر الناس؟
قلت: امرؤ القيس
قال: حيث يقول ماذا؟ قلت:
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا
لدى وكرها العناب والحشف البالي
قال: فانا اشعر منه
قلت: حيث تقول ماذا؟ قال: حيث اقول:
كأن وراء الستر فوق فراشها
قناديل زيت من ورام قرام
فاينا اشعر؟ قلت: انت، قال: فايهما اقوى الريح أم الماء؟ قلت: الريح قال: لم تصب، قلت: وكيف؟قال: يقع الثوب من الماء فيبتل في طرفة عين ويبسط في الريح فلا يجف إلا بعد ساعات، اصبتُ ام اخطأت؟ فقلت: اصبت. وإنما نحن المجانين.
قال الشاهد: هذا الرجل المجهول أعلم من الجاحظ لكن كما يقول أهل السودان الشهرة مثل المال (قسمة)
3/ كان المأمون استثقل سهل بن هارون، فدخل عليه يوماً، والناس على مراتبهم فتكلّم المأمون بكلام ذهب فيه كلّ مذهب، فلما فرغ من كلامه اقبل سهل بن هارون على الجمع فقال: ما لكم تسمعون ولا تعون ، وتشاهدون ولا تفقهون، وتفهمون ولاتتعجبون، وتتعجبون ولا تنصفون؟ والله انه ليقول ويفعل في اليوم القصير ما فعل بنو مروان في الدهر الطويل، عربُكم كعجمكم، وعجمكم كعبيدكم، ولكن كيف يعرف الدواء من لا يشعر بالداء؟ فرجع المأمون فيه الى الرأي الاول.
قال الشاهد:: أي أنه بدّل رأيه فيه فاستملحه (نعم لكل داء دواء وأول دواء الجفوة المفتعلة القول الفاعل)
4/ خرج الزهري يوماً من عند هشام بن عبدالملك فقال: ما رأيت كاليوم، ولا سمعت كأربع كلمات تكلّم بهن رجل عند هشام، دخل عليه فقال: يا امير المؤمنين، احفظ عني اربع كلمات، فيهن صلاح ملكك، واستقامة رعيّتك.
قال: هاتهنّ؟ فقال لا تعدون عدة لا تثق من نفسك بانجازها، ولا يغرنّك المرتقى وان كان سهلاً اذا كان المنحدر وعرا، واعلم أن للاعمال جزاءً فاتّق العواقب، وان للامور بغتات فكن على حذر.
قال الشاهد: ولم أجد برنامجا سياسيا وعسكريا وأمنيا أبلغ من هذه الوصايا الأربع لأهديها للبرهان وكامل إدريس!.
5/ لما افضت الخلافة الى عمر بن عبدالعزيز اتته الوفود، فاذا فيهم وفد الحجاز ، فنظر الى صبي صغير السن وقد اراد ان يتكلم فقال: ليتكلم من هو اسنّ منك، فإنه احق بالكلام منك. فقال الصبي: يا امير المؤمنين لو كان القول كما تقول لكان في مجلسك هذا من هو احق به منك، قال: صدقت فتكلم. فقال: امير المؤمنين انا قدمنا عليك من بلد نحمد الله الذي منّ علينا بك، ما قدمنا عليك رغبة منا، ولا رهبة منك، أما عدم الرغبة فقد أمنّا بك في منازلنا، واما عدم الرهبة، فقد أمنّا جورك بعدلك، فنحن وفد الشكر والسلام.
فقال له عمر رضي الله عنه : عظني يا غلام، فقال: يا امير المؤمنين ان اناساً غرّهم حلم الله، وثناء الناس عليهم، فلا تكن ممن يغرُّه حلم الله وثناء الناس عليه فتزلّ قدمك، وتكون من الذين قال الله فيهم:«ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون» فنظر عمر في سن الغلام فاذا له اثنتا عشرة سنة فانشدهم عمر رضي الله تعالى عنه:
تعلم فليس المرء يولد عالماً
وليس اخو علم كمن هو جاهل
فان كبير القوم، لا علم عنده
صغير اذا التفّت عليه المحافل
قال الشاهد: هذه الحكاية مدهشة ولكنها أكثر دهشة لان المدنهش فيها رجل في قامة وعلم الخليفة عمر بن عبد العزيز.
6/ قال الراوي: ان يهودياً ناظر مسلماً في مجلس المرتضى، فقال اليهودي: اي شيء اقول في قوم سماهم الله مدبرين- يعني النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يوم حنين؟ فقال المسلم: فاذا كان موسى ادبر منهم. قال له: كيف؟ قال: لأن الله تعالى قال: «ولّى مُدبراً ولم يعقِّب» «النمل الآية 10 القصص: الاية 31» وهؤلاء ما قال فيهم ولم يعقبوا. فسكت
قال الشاهد: لا تدعوا العامة يناظرون اليهود والنصارى إلا إذا كانوا أصحاب علم ودراية وبداهة.
7/ خرج الرشيد الى الحج فلما كان بظاهر الكوفة، اذا أبصر بهلولاً المجنون على قصبة، وخلفه الصبيان وهو يعدو، فقال: من هذا؟ فقيل له: بهلول المجنون فقال: كنت اشتهي ان اراه فادعوه من غير ترويع فذهبوا اليه وقالوا: اجب امير المؤمنين، فلم يجب، فذهب إليه الرشيد، وقال: السلام عليك يا بهلول، فقال: عليك السلام يا امير المؤمنين ، فقال: دعوتك لاشتياقي اليك، فقال بهلول : لكني لم اشتق اليك فقال الرشيد عظني يا بهلول فقال: وبم اعظك؟ هذي قصورهم وهذي قبورهم! فقال الرشيد: زدني فقد احسنت! فقال يا امير المؤمنين: من رزقه الله مالاً وجمالاً، فعف في جماله، وواسى في ماله، كتب في ديوان الابرار، فظن الرشيد انه يريد شيئاً، فقال: قد امرنا لك ان تقضي دينك، فقال: لا يا امير المؤمنين، لا يقضى الدّين بدين،اردد الحق على اهله، واقض دين نفسك من نفسك، قال: فإنا امرنا ان يُجرى عليك، فقال: يا امير المؤمنين، اترى الله يعطيك وينساني؟ ثم ركب قصبته وولى هارباً.
قال الشاهد: كل حديث بهلول المجنون يدعو للإعجاب والاعتبار إلا ان أبلغ ما فيه ذلك الموقف الدرامي الغريب حيث ركب قصبته وانطلق هاربا!.
8/ أتى الغاضري يوماً الحسن بن زيد فقال: جُعلت فداك! اني عصيت الله ورسوله، قال: بئس ما صنعت! وكيف ذلك؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يفلح قوم ولّوا امرهم أمرأة، وانا اطعت امرأتي، فاشتريت غلاماً فهرب. قال الحسن: فاختر واحدة من ثلاث: ان شئت فثمن الغلام، قال : بابي انت! قف عند هذه ولا تتجاوزها ! قال: اعرض عليك الخصلتين، قال: لا ، حسبي هذه.
قال الشاهد: والله إني لا أجد لهذا الارجل وظيفة إلا انه سمسار في سوق أمدرمان!.
9/ كتب المنصور الى جعفر الصادق: لم لا تزورنا كما يزورنا الناس؟ فرد جعفر: ليس لنا من الدنيا ما نخافك له، ولا عندك من الآخرة من نرجوه له، ولا أنت في نعمة فنهنئك ولا في نقمة فنعزيك.. فقال المنصور: بل تصحبنا لتنصحنا. فقال جعفر: من يطلب الدنيا لا ينصحك ومن يطلب الآخرة لا يصحبك.
قال الشاهد: رغم الوضوح القاسي للإمام جعفر الصادق إلا أن كلماته تندرج قم قسوتها في باب (الأسلوب الأنيس في مخاطبة الرئيس)
10/ قالت جريدة باريسية: إن نصف أعضاء المجلس البلدي من اللصوص. وثار أعضاء المجلس البلدي وتم إجبار الصحيفة على الإعتذار فكتبت في اليوم التالى: نشرنا بالأمس أن نصف أعضاء المجلس البلدي من اللصوص، والحقيقة هى أن نصفهم ليسوا من اللصوص.
قال الشاهد: لقد ارتبط الذكاء وحسن التصرف بالصحافة الورقية لأنها (تثراجع وتُقاس) أما الصحافة الإلكترونية فإنها تمتاز في غالبها بالسماجة لانها (تتراجع وتقاسي).