السودان وروسيا .. شراكة تتحدى المؤامرات

السودان وروسيا .. شراكة تتحدى المؤامرات

 

أم درمان: الهضيبي يس

قال السفير الروسي لدى السودان، أندريه تشيرنوفول، إن التهديدات التي أطلقتها قوات الدعم السريع بشأن الوصول إلى مدينة بورتسودان، حاضرة ولاية البحر الأحمر، لا تحمل طابعًا عمليًا، واصفًا إياها بأنها دعاية إعلامية لا تسهم في تعزيز فرص الحل السلمي. ونقلت وكالة سبوتنيك عن تشيرنوفول تأكيده أن مثل هذه التصريحات لا تساعد في تحقيق أي تسوية سياسية للأزمة الراهنة. وأضاف أن شنَّ غارة على العاصمة الخرطوم قد يكون ممكنًا من الناحية النظرية، نظرًا لتمركز قوات الدعم السريع في إقليم كردفان الذي يرتبط بخط مباشر مع العاصمة، إلا أن الحديث عن السيطرة على بورتسودان لا يستند إلى معطيات واقعية، ويظل ضمن إطار التصعيد الإعلامي.

 

 

وفي تصريحات أخرى أكد سفير روسيا في السودان أن السلطات السودانية تواصل استيراد المنتجات الزراعية والمحروقات من روسيا، وأن إيصال جزء كبير من هذه الإمدادات يتم عبر دولة ثالثة. وقال إن الشركاء السودانيين ما زالوا يشترون سنويًا الحبوب والزيوت والأسمدة الروسية، وفي الآونة الأخيرة أصبحوا يشترون أيضًا منتجات النفط، خاصة بعد توقف المصفاة النفطية الوحيدة في البلاد عن العمل. وأضاف أن “في ظل العقوبات المفروضة على البلدين، فإن جزءًا كبيرًا من هذه الإمدادات يتم عبر دولة ثالثة”.
وكان مندوب روسيا في مجلس الأمن، قبل أيام، وعقب أحداث مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، قد اتهم بعض الدول الإقليمية والدولية بالضلوع في تأجيج حرب السودان، ومدّ مليشيا الدعم السريع بالسلاح، مما ساعد على تنفيذ مجازر بحق المدنيين العُزَّل إثر اجتياح تلك القوة المسلحة للمدينة، وهو ما أسفر عن مقتل ما يفوق ألفي شخص.
ووقعت كلٌّ من الخرطوم وموسكو، خلال شهر سبتمبر من العام 2018، على هامش قمة “سوتشي” الروسية، اتفاقًا قضى بمنح موسكو قاعدة للأغراض اللوجستية في المياه الإقليمية السودانية. لكن قيام ثورة ديسمبر من العام 2019 حال دون إنفاذ الاتفاق الاستراتيجي، الذي ظل معلقًا ورهينًا لجملة من المتغيرات السياسية السودانية، أبرزها قيام ما يُعرف بالبرلمان الانتقالي للمصادقة على ما ورد في نصوص الاتفاق.
ويؤكد الباحث في الشؤون الدولية، ناجي المحسي، أن الانتقال إلى محطة العلاقات الاستراتيجية بين روسيا والسودان بات أمرًا مُلحًّا تفرضه جملة من المعطيات، أهمها حالة المتغيرات والمهددات التي يشهدها العالم، وتزايد حجم المطامع والسعي المحموم وراء الموارد، والتخطيط للاستيلاء على حقوق الدول بدلًا من تنميتها.
ويضيف ناجي: “لذا فإن تكوين تحالفات تقوم على نهج تبادل المصالح والحماية، والاستفادة من عوامل التطور الدائم لدى بعض الدول بما يحقق مكاسب الحفاظ على الأمن القومي للدولة، هو أمر مطلوب للغاية، في ظل قيام سياسات جديدة تقوم على مسلك الشراكات الثنائية وتسخير الإمكانات المتاحة بهدف كفالة حفظ أمن وسلامة الدولة ومواطنيها”.
وزاد: “العلاقة بين روسيا والسودان، من الملاحظ أنها قطعت شوطًا بعيدًا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لحالة التنافس بين الأقطاب الدولية، خاصة على منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر، نظرًا لوجود ممرات التجارة الدولية، فضلًا عن مستودعات الموارد التي باتت تتوفر في منطقة القرن الأفريقي، وسط تزايد الاحتياجات السكانية لهذه البلدان وارتفاع قيمة المدخلات بشكل يومي، وما باتت تلعبه الموارد الخام من أدوار على مستوى الصناعات التحويلية في مجالات التقنية والتكنولوجيا وصناعة الأسلحة”.