الحاج الشكري يكتب: محلية الخرطوم ومستشفى الدوحة .. الظلم ما زال مستمرًا

نقطة وسطر جديد

الحاج الشكري

محلية الخرطوم ومستشفى الدوحة .. الظلم ما زال مستمرًا

 

ذهبت برفقة الزميل العزيز الأخ أحمد الشيخ إلى مستشفى الدوحة للأنف والأذن والحنجرة بالخرطوم، وكان الغرض من هذا هو الوقوف على ألمٍ لحق بي لفترةٍ من الزمن كاد أن يفقدني صوتي في كثيرٍ من المداخلات والمحادثات والمخاطبات.
توجهت إلى مستشفى الدوحة بعد أن أخبرني بها الأخ العزيز والوزير السابق المحترم بحكومة ولاية الخرطوم الدكتور محمود القائم.
ونحن نسير نحو المستشفى الواقع غرب جامعة المستقبل (كلية كمبيوتر مان سابقًا)، لاحظنا أن الخرطوم بدأت الحياة تدب في عروقها من ناحية نظافة الشوارع وتهيئة البنية التحتية، ولكنها ما زالت خالية من سكانها.
دخلنا من شارع المطار إلى شارعٍ فرعي مع جامعة المستقبل، فلم نرَ في هذا الطريق حتى المستشفى الكويتي إلا أشخاصًا على أصابع اليد الواحدة. ولكن ما إن عرجنا إلى طريقٍ آخر يوصلنا إلى مستشفى الدوحة حتى شاهدنا أمام المستشفى حياةً كاملةً تضج بالحركة؛ عربات، وركشات، ورجال ونساء مشاة في طريقهم إلى المستشفى.
حمدنا الله على هذا المشهد ودلفنا إلى باحات المستشفى، وصلنا الكاونتر ودفعنا ثمن المقابلة، ومن ثم قابلنا الطبيب الإنسان الدكتور صديق كرمان، اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة. وبعد الفحص عبر أجهزة دقيقة متطورة نصحني بإجراء عمليةٍ جراحيةٍ عاجلةٍ في الحبال الصوتية حتى لا أفقد صوتي.
وهنا أحب أن أطمئن كل الأحباب بأن الدكتور صديق قال لي إن نجاح العملية سيكون بنسبةٍ عاليةٍ جدًا.
قلت له قبل كل شيء: أريد أن أشكركم لأنكم أول من عدتم لمواصلة العمل في ظل هذه الظروف الصعبة. وما إن عرف بأننا صحفيون حتى أمر موظفًا معه أن يوصلنا إلى الدكتور إبراهيم علي عمر، اختصاصي الأذن والمدير الإداري للمستشفى، والذي استقبلنا هو الآخر أفضل استقبال وأكرم ضيافتنا.
قلت للدكتور إبراهيم: مفروض تُكرموا من قبل الحكومة لأنكم ستشجعون الناس على العودة الطوعية.
تبسم ضاحكًا من قولي، وكان رده هو وبعض الموظفين معه صادمًا بالنسبة لي. حكوا لي واقعتين:
الواقعة الأولى: أن موظفين من محلية الخرطوم حضروا إلى المستشفى وطالبوهم بدفع ضرائب بقيمة (٢٠ مليارًا)! لاحظ عزيزي القارئ أن هذه المطالبة من مستشفى نُهب من قبل الجنجويد بشكلٍ شبه كامل، وأصحابه يدفعون مرتبات العاملين من جيوبهم حتى يتمكنوا من تجاوز حمى البدايات، وليشجعوا المواطنين على العودة الطوعية، وهم لم يستعدوا للانطلاق بعد. ومع ذلك تطالبهم محلية الخرطوم بدفع مبلغ (٢٠ مليار جنيه)!
لاحظ عزيزي القارئ أن هذا المبلغ مطلوب تسديده من مستشفى حضر في ظروفٍ قاسيةٍ، ويقدم خدماتٍ لشعبٍ يعيش في ظروفٍ غير إنسانيةٍ بمعنى الكلمة. هل يُعقل بدل أن تُحفزها تطالبها بـ (٢٠ مليارًا)؟ فأي افتراءٍ وظلمٍ للوطن والمواطن أكبر من هذا؟!.
أما الواقعة الثانية: فإن المستشفى طالبت جهاتٍ حكوميةٍ بتوصيل الكهرباء للمستشفى لأنها الآن تعمل بالطاقة الشمسية، الأمر الذي لم يمكنها من إجراء بعض العمليات، فكان الرد عليهم بأن دفعت لهم هذه الجهات فاتورةً بقيمة (١٤٥ مليارًا) حتى يستطيعوا أن يتمتعوا بالكهرباء!.
هاتان الواقعتان أكدتا لي – وللأسف – أننا بعد هذه الحرب المريرة ما زال بيننا من يمارس الظلم والفساد الإداري في ظل غياب قانونٍ كافٍ يراقب حقوق المواطنين ويردع الظالم.
إن كل المؤسسات والشركات والبيوتات التجارية، وكل من يعلم بهذه الضرائب وهذا السلوك غير الوطني، ستدفعه رغبته إلى الانحراف عن العودة لأرض الوطن والاتجاه إلى الاستثمار في أي بلدٍ آخر.
إلى الأستاذ أحمد عثمان حمزة، والي ولاية الخرطوم: نرجو إجراء تحقيقٍ عاجلٍ في هذا الملف، لأن مثل هؤلاء إن لم تُحسم أمورهم سيُخربون مشروع العودة الطوعية الذي سَهِرتَ عليه أيامًا وليالي بل وشهورًا، وراهنت عليه وقدمت في سبيل إنجاحه الغالي والنفيس.
ولكن أمثال هؤلاء سيُخربونه عليك، بل سيشينون سمعتك الطيبة التي عجز القَحَاتة والعملاء أن ينالوا منها، لما لها من كسبٍ وجهدٍ وعرقٍ في خدمة الناس والوطن.
اللهم إني قد بلغت، فاشهد.