
د. حسن محمد صالح يكتب: علي شعبنا الحذر من تطبيق النموذج السوري في السودان
موقف
د. حسن محمد صالح
علي شعبنا الحذر من تطبيق النموذج السوري في السودان
أجازت لجنتا الإستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكي مشروع قانون تفويض الإستخبارات [IAA] والذي يتضمن الفقرة التالية بالنص: “القسم 532: تعزيز الدعم الإستخباراتي لمواجهة نفوذ الخصوم الأجانب في السودان. خلال مدة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، يتعين على مدير وكالة الإستخبارات المركزية CIA، بالتنسيق مع رؤساء العناصر الأخرى في مجتمع الإستخبارات التي يراها مناسبة، أن يضع خطة تتضمن الآتي:
1. مشاركة المعلومات الإستخباراتية ذات الصلة – إن وجدت – المتعلقة بجهود الخصوم الأجانب للتأثير في النزاع في السودان، مع الحلفاء والشركاء الإقليميين للولايات المتحدة، بما في ذلك خفض تصنيف السرية عن هذه المعلومات أو رفع السرية عنها كلياً عند الحاجة.
2. مواجهة جهود الخصوم الأجانب للتأثير في النزاع في السودان، بهدف حماية الأمن القومي الأمريكي والأمن الإقليمي.”
الاخ الدكتور القانوني الضليع محمد زين محمد قام بتفسير هذا القانون معرفاً (الخصوم) أن المقصود الخصوم الأجانب هي دولة الإمارات العربية المعتدية على السودان بالمال والسلاح وجلب المرتزقة. كما يفهم من هذا التفسير أن الخصوم الأجانب هم خصوم السودان.
ولكن الخصوم المعنيين في القانون الأمريكي في رأي هم خصوم الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد جمهورية إيران الإسلامية، والخصم الآخر هو دولة روسيا الاتحادية التي تربطها علاقات وثيقة بالسودان وشعبه ومواقف لا تُنسى في مجلس الأمن وغيره. والحديث عن أمن البحر الأحمر يقودنا إلى ما تنشره الصحف الإسرائيلية (بكثافة) عن حلفاء إيران في حكومة بورتسودان. كما قالت إسرائيل: إن أكبر حليف لإيران هو الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس السيادي.
تحدث الإعلام الإسرائيلي المتماهي مع الاستخبارات الأمريكية عن وجود خبراء إيرانيين في العاصمة الإدارية بورتسودان.
في حقيقة الأمر الخبراء الإيرانيون لا يمكن إخفاء وجودهم المميز بلون البشرة، وهي بشرة بيضاء تختلف عن البشرة السمراء للسودانيين، على عكس المرتزقة الكولومبيين الذين قامت الدولة المعتدية (الإمارات) بجلبهم إلى السودان بممارسة المكر والدهاء والخبث، لأن لون بشرتهم قريب من السودانيين، ورغم ذلك تم التعرف عليهم في ميادين القتال وعن طريق الإعلام الكولومبي الذي أورد المرتزقة بأسمائهم وأماكن وجودهم وكيف تم نقلهم إلى القتال في الخرطوم ودارفور وكردفان.
الحديث عن الخصوم الأجانب لأمريكا في السودان والاتهامات المتكررة لوجود خبراء إيرانيين في السودان يعني سعي دولة الكيان وحلفائها إلى تطبيق النموذج السوري في السودان عبر الولايات المتحدة. وكما هو معلوم ما شهدته سوريا من إسقاط لنظام بشار الأسد قد أبهج وأسعد الشعب السوري لذهاب الظالم غير مأسوف عليه، وفرح مع السوريين كل أحرار العالم، ولكن الشعب السوري اليوم أعزل بعد أن دمرت إسرائيل الجيش السوري، وخاصة سلاح الطيران السوري والدفاع الجوي، وهي أسلحة استراتيجية كانت تتصدى لهجمات الاحتلال حتى في ظل الحرب الدائرة في سوريا على مدى عقد ونيف من الزمان.
إن ما تقوم به الولايات المتحدة من ترحيب ومودة مع الرئيس السوري أحمد الشرع واحتضانه بواسطة الرئيس الأمريكي ترامب سببه أن الشرع أو الجولاني قد أنهى الوجود الإيراني وحلفاءه في سوريا، ووجود روسيا التي عندما زارها الرئيس الشرع مؤخراً طالبها بتسليم الرئيس بشار الأسد. وهذا يذكر بما فعلته حكومة ما بعد انتفاضة ٦ أبريل ١٩٨٥م في السودان، والتي طلبت من الحكومة المصرية يومها (حكومة الرئيس حسني مبارك) تسليمها الرئيس السوداني جعفر محمد نميري الذي كان يقضي إقامة إجبارية في القاهرة، ورفضت مصر تسليم نميري كما رفضت من قبله تسليم شاه إيران للثورة الإيرانية إلى أن مات في مصر.
المخابرات الأمريكية تنظر إلى الدور الذي تقوم به حليفتها الإمارات في السودان على أنه خدمة للمصالح الأمريكية الإماراتية المشتركة التي تنظر إلى القوات المسلحة السودانية نظرة عداء منذ الاتفاق الإطاري والمحاولة الانقلابية الفاشلة لقائد مليشيا آل دقلو الإرهابية في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م التي تحولت إلى الحرب الدائرة الآن عبر الخطة (ب) لدولة الإمارات وعملائها في الحرية والتغيير قحط.
علي الشعب السوداني التمسك بقواته المسلحة شعار (جيش واحد شعب واحد). وبالاستنفار والمواقف الداعمة للقوات المسلحة على شاكلة الخروج في يوم السبت القادم ١٣ ديسمبر ٢٠٢٥م داخل السودان وخارجه لدعم القوات المسلحة والمطالبة بتصنيف مليشيا الجنجويد مليشيا إرهابية، والتأكيد على الاستنفار الشعبي والمقاومة الشعبية المسلحة طريقاً لتحرير الوطن من دنس العمالة والارتزاق، وعدم الالتفات للمخططات الخارجية التي تخدم مصالح الدول الاستعمارية التي تريد السيطرة على الوطن ومقدراته، وعلى رأسها الجيش السوداني العظيم الذي يقدم أرتال الشهداء والجرحى والأسري في سوح الوطن وعبر تاريخه الطويل حماية الأرض والعِرض.
كلما شعر أهل السودان باقتراب التدخل الأجنبي والأمريكي الاستخباري في السودان على السودانيين أن يتحسسوا مسدساتهم كما يقول المثل. ولم تكن الإمارات دويلة الشر غير الرجل التي قدمتها أمريكا وحلفاؤها نحو السودان، وتريد إلحاق الرجل الأخرى بها. فاحذروا يا أولي الألباب من هذه المخططات التي يتم تدبيرها باسم السلام وحقوق الإنسان والصداقة، والهدف من ورائها هو الخراب والدمار على شاكلة ما نشاهده الآن من عدوان خارجي على بلادنا، وهو عدوان لن يرده عنا من قاموا بشنه ورعايته لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
لا مناص من مقاومة الأمة السودانية وجهادها للعدوان الخارجي بكل صوره، وخاصة الناعم والمتسلل لواذاً.
الله المستعان وعليه التكلان، وما النصر إلا من عند الله القوي العزيز.
والسعيد من اتعظ بغيره. حذارِ من تكرار ما حدث في الديار السورية على يد البغاة.