
كمال حامد يكتب: عبد القادر سالم .. شهامة ورجالة
من السبت إلى السبت
كمال حامد
+++
مهلاً وأهلاً أيها الموت (71)
عبد القادر سالم… شهامة ورجالة
وحده انقضّ على قاتل خوجلي عثمان
حبيبي .. دي الدنيا أيامها معدودة
+ (هجر الرهيد يوم جفا) .. مات الدكتور عبد القادر سالم. ولقب الدكتور حقيقي وليس فخريًا؛ فقد عاش الفن وعلم الموسيقى الشعبية، ونال درجة الدكتوراه عام 2009م، ونشر دراسته في كتاب عن الفن الكردفاني، وصار أستاذًا بكلية الموسيقى والدراما، وفي سنواته الأخيرة أستاذًا بجامعة الخرطوم – كلية التربية.
+ طاف العالم ليعرّف بثقافتنا السودانية، ونجح في ذلك، وجعل اسم الوطن حاضرًا على الألسنة بالحروف واللزمات الموسيقية، فنال التقدير والتكريم.
+ سأبدأ الكتابة عن الدكتور عبد القادر سالم بعد احتمال الخبر الصادم، والتحصن بالصبر الجميل والدعاء الصادق. ومن الذي لا يصدمه هذا الخبر؟ والرجل “أخو إخوان” كما نقول، صاحب طيبة، وحافظ حقوق لكل من تعامل معه، وصديق شجاع شهِم. أليس هو الذي صمد حين هرب معظم أعضاء نادي الفنانين في لحظة الاعتداء المهووس على الفنان خوجلي عثمان؟.
+ نعم، عبد القادر سالم هو الوحيد الذي تصدى للقاتل المهووس، ونزع سلاحه، وأُصيب بطعنة أسفل كتفه الأيمن، وتقطعت شرايينه، وتعرض لعدة إصابات في جسده، حتى سيطر على القاتل، فاقدًا الوعي مع الفنان خوجلي، وكان الخبر يومها وفاة أحدهما ونجاة الآخر الذي روى أسرار تلك الحادثة المشؤومة.
+ ظروف جعلتني أعرف عبد القادر سالم أكثر، لأننا تزاملنا في الدراسة بمعهد الموسيقى والمسرح في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، ضمن قائمة المعلمين المنتدبين للدراسة.
+ كنت قريبًا منه لأنني شاركت السكن مع الفنان الموسيقار ابن عطبرة، المرحوم عبد الرحمن عمر، قائد فرقته المتميزة بصوت آلة الفيولا ذات الجرس الحنين. وكنت حاضرًا في معظم حفلاتهما، ووقفت على طيبة عبد القادر سالم التي جعلته محبوب الجميع، وكرّمه زملاؤه بتتويجه نقيبًا لهم لعدة دورات.
+ نقل عبد القادر سالم الأغنية الكردفانية، وحلّ بها في الخرطوم بـ(اللوري الحل بيه الدلاّه في الودي)، ورقصت الخرطوم الجراري والمردوم والكمبلا والدرملي، مع رفقائه إبراهيم موسى أبا، وجمعة جابر، وعبد الله الكردفاني، وصديق عباس، وعبد الرحمن عبد الله، رحمهم الله جميعًا.
+ تبكيه الدلنج، و(رمالها الدقاقة فوقا الحمام قاقا يا روحي المشتاقة الدايرة الملاقا). درس في الدلنج وتخرج في معهد تربيتها، ويبكيه البقارة والجوامعة، وتشتاقه كما يشتاقها (ريحة نيالا)، ولن تنساه (كردفان المكتول هواها) التي ألهمت فنه وإبداعه. وهنا يرن في أذني صوت عبد الرحمن عمر:
(جيناكي… جيناكي… زي وزين جيناكي). رحمهما الله.
+ جمع عبد القادر سالم بين السلمين الخماسي والسباعي، مع كلمات أهل الغرب الحنينة: (السيسبان الني، الحرير الضي، سيدي سيد الناس يبقى لي وناس)، وكان الإعجاب والتمايل في بعض العواصم.
+ في ليلة تأبين الموسيقار محمد عبد الله “محمدية” بدار الفنانين، التقيت ابن عطبرة الموسيقار إسماعيل عبد الجبار، حزينًا لفراق تؤامه، وحزينًا أيضًا لرفض لجنة الحفل السماح له بتقديم مقطوعته التي سماها “محمدية”. شاركته الألم، ثم توجهت إلى عبد القادر سالم لأبلغه خاطر صديقنا إسماعيل المكسور. نهض من مقعده، وذهب خلف الكواليس، وسمعت صوته – الذي لم نعهده عاليًا – ثم عاد مناديًا إسماعيل ليقدم مرثيته. وأمس، وأنا في الرياض مع إسماعيل عبد الجبار، كنا نعزي بعضنا ونتذكر قصة مرثية “محمدية”.
+ غنى عبد القادر سالم أم درمان، وغنى السودان الحقيبة، وأبدع في (يا مداعب الغصن الرطيب)، وغنى الوطن: (يا وطني يا وطني سوداني)، وغنى للجيش والوطن مرتديًا الكاكي الأخضر. وبقي في أم درمان مشجعًا لنا للعودة. وأحسن التعبير والكلمات في مقابر البكري، وفي وداع الخرطوم، والزملاء والأصدقاء، حتى منعت الدموع الفنان الكبير أبو عركي من الحديث.
+ رحمك الله أخانا العزيز الدكتور عبد القادر سالم. سنذكرك ونبكيك وندعو لك، و(نشيل الجلالة) كما يدعو لك أهلك، حسانهم (الفايح نسّاما)، ورجالهم الصناديد. تبكيك الكلمة، والأدب، والثقافة، والفن الجميل.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
تقاسيم .. تقاسيم .. تقاسيم
+ التهنئة لابن السودان المهندس عبد الرحيم سليمان بمناسبة إعادة انتخابه لدورة رابعة مديرًا لاتحاد الإذاعات العربية (ASBU)، وهي حالة استثنائية، وذلك في الجمعية العامة للاتحاد بالعاصمة الرياض. وكانت جمعية سابقة بالكويت قبل أربع سنوات قد استثنته لدورة ثالثة، لأن النظام لا يسمح للمدير بأكثر من دورتين.
+ اتحاد الإذاعات العربية أحد أذرع جامعة الدول العربية الناجحة، مولود في السودان في مارس 1969م، وأول رئيس له البروفيسور علي شمو، وكان مقره الخرطوم حتى عام 1981م حين انتقل إلى تونس مع الجامعة، وبقي هناك رغم عودة الجامعة إلى القاهرة.
+ يشكل السودانيون حضورًا فاعلًا في الاتحاد بتونس؛ إذ انتقل مع المهندس عبد الرحيم سليمان المدير المالي محمد سيد أحمد، وشكّلا ثنائيًا ناجحًا يُضرب به المثل. وانضم إليهما المهندس محمد عبد الله، والمهندس عوض عيد. وعمل في رئاسة الاتحاد ورئاسة لجانه كل من المرحوم الطيب مصطفى، ومحمد حاتم سليمان، وشخصي الضعيف في أطول رئاسة للجنة الرياضية (14 سنة).
+ طبيعي أن يخسر الهلال في الدوري الرواندي، وأعجب لمن وصف المسألة بالمفاجأة، وكأن فرقنا تجوب الملاعب وتكسب الآخرين على أرضهم. وقبل الهلال خسر المريخ. ليتنا نتخلى عن روح التعالي ومظهر أننا الأفضل؛ كنا الأفضل ولم نتطور، بينما تطور الآخرون وتجاوزونا في الترتيب الدولي والقاري والإقليمي.
+ في السعودية، حملة ضد المدرب رينارد بسبب الخروج من كأس العرب على يد منتخب الأردن صاحب الأداء الأفضل، بقيادة مدربه المغربي جمال سلامي، الذي وصفه رينارد بأنه تلميذه. وعلق المحللون السعوديون بأن التلميذ أعطى أستاذه درسًا لن يُنسى.
+ إن شاء الله أكتب السبت القادم عن “أسبوع السودان” في مهرجان موسم الرياض السنوي، الذي كنت ضيفه من وزارة الإعلام، وكرموني مشكورين بتسجيل فيلم وثائقي عن السودان. وللأسف توقف المهرجان بسبب الأمطار الغزيرة في الرياض.
+ وبمطالعتكم هذه المادة أكون في ثغرنا الحبيب بورتسودان، في طريقي إلى عطبرة إن شاء الله، وقد نلتقي السبت القادم من أرض الوطن، إن كان في البدن صحة وفي العمر بقية.