د. عمر كابو يكتب: رحيل القرآني السير والسريرة .. الرجل الأمة مهندس محمد علي الأمين

ويبقى الود

د. عمر كابو

رحيل القرآني السير والسريرة .. الرجل الأمة مهندس محمد علي الأمين

** حط رحالهم ثلاثتهم في خور (كارفيتو) بشرق الاستوائية منضمين لكتيبة البراء بمتحرك حق اليقين ضمن لواء القعقاع.
** روح إيمان حي ولباب مشاعر رقيقة يحيا بهم ويحيا لهم كأنهم أغصان انبثقت من دوحة واحدة أو روح واحد حل في أجساد متعددة..
** الشهيد البطل/ عثمان حسن أحمد البشير والعارف بالله المهندس محمد علي الأمين ومولانا القاضي الوقور محمد إدريس تيتة: أصحاب مقامات خاصة، كرائم كلم وغمائم حكم، وكف شكوى عن بلوى وعقد لسان عن موطن أذى وتوطين نفس عن مكروه.
** يومها سكنت روحي إلى الحبيب الأثير شيخي محمد علي الأمين: تميز عن سائر المجاهدين بأن نقله الله من ذل المعصية إلى عز الطاعة آنسًا بالوحدة غنيًا بالقناعة معرضًا عن اللغو ممن سيآتي بإذن الله يوم القيامة إمامًا لأولئك الذين قال الله في حقهم: (والذين هم عن اللغو معرضون).
** نعم جالسناه عديد الشهور كثير الصمت قليل النجوى لم يغتب ولم يغضب أحدًا كأنما قد تدبر في حكمة داؤد الطائي حين سئل لماذا لا تجالس الناس فقال: (اللهم غفرًا إما صغير لا يوقرك أو كبير يحصى عليك عيوبك).
** مقدام في المعارك بحث عن الشهادة في شجاعة جسورة فارسًا هصورًا في كل المعارك التي خضناها ظل رابط الجأش قوي العزمات.
** والله العظيم ما رأيته طيلة فترتنا ما دمنا مرتكزين إلا تاليًا لكتاب الله أو نائمًا أو قائمًا يصلي أو مبتسمًا في حياء.

** كنا ثلاثتنا قد تأخرنا في العمليات بتوجيهات من أميرنا فارس الجنوب بروف الزبير بشير طه: الحبيبان ياسر الصديق وعصام جمعة لأمر ما وشخصي الضعيف وحين العودة وفي مطار الخرطوم انتظرنا الشيخ محمد علي الأمين ليأخذنا لمنزليه في امتداد ناصر وشمبات طالبًا مني في كرم حاتمي أن يكونا منزلتنا متى قدمنا للخرطوم من القضارف الحبيبة.

** ظل يؤثرنا بمحبة في الله خالصة لم تشنها أدواء المواقف التنظيمية المتقلبة ولا اختلاف الرؤى ولا تقاطعات الفكرة، يجزم أن ما وثقته يد الرحمن هيهات — هيهات أن يقطعه طول النوى ومرور الزمان.
** ولذلك كان من الفينة والفينة يبادر بالاتصال بي تفقدًا لأحوالي حتى وأنا في المؤتمر الشعبي يرى فينا بعض خير لا نراه ولا تستشعره النفس الأمارة بالسوء.
** ذات صيف غائظ اتصل علي طالبًا مني من بعد غياب طويل— طويل أن أحضر إلي شركة (السالمة) وهو يقطع شوطًا بعيدًا في تأسيسها من بعد (جانديل).
** حين وصلته استقبلني بذات الحفاوة المعهودة فيه وبعد السؤال والاطمئنان عن أحوالي شرح لي تجربته في الشركة الجديدة وأهدافها العليا.
** عرفت أنه مازال مهمومًا بأمر الجنوب الذي نذر نفسه لله داعية واسع الفكر عظيم الهمة مبشرًا بسماحة الإسلام فيه.
** وبنصف ابتسامة رسمت وضاءة باهية قال لي: (الكوماج براهو ما بحل القضية يجب أن نرسل رسالة للجنوبيين في الغابة أن الدنيا أوسع من نيران البندقية).
** ولذلك قامت السالمة شركة من أجل البناء والتطوير المستمر في الجنوب تستهدف من هم بالغابة فقد أقمنا مشروعات تنموية شاملة داخل قرى الجنوب الصغيرة دون نظر لمعيار الربح والخسارة.
** نجحنا في استيعاب كثر منهم في مشروعات صناعة الأخشاب ثم أطلقها ضحكة وأنشانا لهم في داخل الغابة مصانع صغيرة (للألبان والباسطة والتلج). حررت أنفسهم من ضيق الحرب إلى طلاقة الأمن وحياة الاستقرار فهم الآن ينشدون السلام.
** هكذا عاش حياته كلها سائحًا يهدي للإسلام وداعية إلى الله بوسائل حديثة جذابة وشيخًا سمحًا إذا عاشر أو خاطب أو علم.
** من كرامات الرجل الصالح أن كل المشروعات التي مر بها شهدت نماءًا عجيبًا مدهشًا: (منظمة الدعوة الإسلامية، شركة دانفوديو، جانديل، السالمة) مشروعات رحبة وانجازات شاهقة.
** رجل بهذه الكفايات الرحبة كان لابد أن يرحل في أعز الأزمنة وأحب الأمكنة فقد رحل البارحة الخميس آخر شعبان أعظم الشهور عند الله شهر يغفل عنه الناس ترفع الأعمال فيه إلى الله. وفي أحب بقاع الأرض إلى الله مكة المكرمة حيث الحرم المكي بجوار أم المؤمنين خديجة سكينة الأرض وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
** رحل وبرحيله هوى كوكب مضيئًا وقمرًا منيرًا وعلمًا كبيرًا من الدعاة الأنقياء الثقاة الأتقياء الأطهار.
** حزني عليه كبير فمن يواسني في جرح غائر وفقد عزيز أحبنا وأحببناه ظل يواسيني حين صدتني أبواب السياسة وقهرني أخوتي ما وجدت غيره والشريف ود بدر يرحمهم الله رحمة واسعة وبعض الأصدقاء الذين لا نريد أن نقصم ظهرهم.
** تعزية صادقة لكتيبة البراء قائدها الجنرال العظيم أحمد إبراهيم إزيرق، وأميرها الفارس الشجاع بروف الزبير بشير طه. ولإدارة مصرف النيل مهندس الحاج عطا المنان والمدير العام هشام التهامي رفيقي الخطوة.
** اللهم أربط على قلوبنا فالإختبار جد صعب. حسبنا الله ونعم الوكيل.