تجديد تفويض لجنة تقصي الحقائق .. السودان يرفض الإبتزاز وينسف المشروع البريطاني

تجديد تفويض لجنة تقصي الحقائق .. السودان يرفض الإبتزاز وينسف المشروع البريطاني
تقرير: مجدي العجب
لم تكن مليشيا الدعم السريع دون محرك أو راعي يمهد لها خارجيا أن تقدم ولو بالتفكير في محاولتها الانتحارية لابتلاع الدولة السودانية ولكن الكفيل الاقليمي هو الذي قام بهذا الدور ولازال، فبعد أن قدم لها الدعم اللوجستي وجلب لها المرتزقة حتى من خارج الحدود الإقليمية تحرك بقوة داخل أروقة منظمات ومكاتب المجتمع الدولي لعله يخلق لها القليل من السند الأمر الذي قادها لأن ترتكب كل الجرائم من إبادة جماعية وسلب ونهب واغتصاب الحرائر وكذلك تدمر البنى التحتية. وزادت مليشيات الدعم السريع في غيها وجرائمها وهي تتكئ على الداعم الاقليمي الذي يتحرك وآخرها القرار المقترح الذي قدمته بريطانيا بإسم مجموعة دول النواة الغربية بمجلس حقوق الإنسان مما دفع المندوب الدائم بجنيف السفير حسن حامد حسن أن يتقدم ببيان ينسف ما صنعوا أمام مجلس حقوق الإنسان في مفتتح جلسة إعتماد مشروع القرار المقدم من بريطانيا. علما بأن بريطانيا ظلت تساند الكفيل الاقليمي الذي شن الحرب على السودان عن طريق ادواته (الجنجويد).
وقدّم المندوب الدائم بجنيف السفير حسن حامد حسن، بياناً أمام مجلس حقوق الإنسان في جلسة إعتماد مشروع القرار المقدّم من بريطانيا بإسم مجموعة دول النواة الغربية بمجلس حقوق الإنسان والخاص بالتجديد الدوري لتفويض لجنة تقصي الحقائق، حيث أكّد سيادته أنّ مقدمي القرار قد تعاموا عن الحقائق الماثلةِ على الأرض والتي في مقدمتها أنّ السُّودانَ يستضيفُ الآن مكتباً قُطرياً كاملاً للمفوضية السّامية لحقوق الإنسان، كما يستقبلُ بانتظام الخبير المُعيّن المعني بحالة حقوق الإنسان في السُّودان ومعاونيه، بالإضافة إلى فريق خبراء مجلس الأمن الذي تغطي تقاريره حقوق الإنسان والمسائل الإنسانية. مشدداً على أنّ تعاون حكومة السودان مع آليات حقوق الإنسان ليس موضعاً للتشّكيك أو المزايدة من قِبَل مقدمي مشروع هذا القرار الذي يُفرضُ فرضاً على دولةٍ متعاونةٍ بهذا المستوى، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ مشروع القرار يساوي بين المليشيا المتمرّدة رغم فظائعها الصادمة للضمير الإنساني وبين القوات المسّلحة السودانية التي تقومُ بواجبها الدستوري في الدفاع عن السودان الذي يواجه حرباً وجودية تستهدفُ شعبه بالإبادة والتهجير والتغيير الديمغرافي. ومؤكداً على أن هذا المنهج الخاطئ في توصيف الحالة هو الذي أدّى إلى إطالة أمد الحرب، وهو الذي جعلَ المليشيا المتمرّدة تزدري القانون الدولي وحقوق الإنسان وتضربُ بهما عرض الحائط، وكذلك بكلّ بيانات وقرارات مجلس الأمن بما فيها القرار 2736 الذي طالبها برفع الحصار عن مدينة الفاشر وهاهو قد تجاوزَ العام ونصف، والعالم يشاهدُ وآليات الأمم المتحدة تقفُ كشواهدِ القبور عاجزةً عن الفعل، مؤكداً أنّ كل ذلك حَدَثَ ويحدثُ لأنّ مقدمي هذا القرار يساوونَ بين هذه المليشيا المتمرّدة الإرهابية وجيش البلاد الوطني.
وأكّد المندوب الدائم أنّ القرارَ المعروض على المجلس يُشكّلُ تعديّاً على سيادة الدولة ومؤسساتها كما يمثّل تطاولاً على النظام العَدلي في السُّودان وتشكيكاً في كفاءةِ وقدرةِ ونزاهةِ القضاء السُّوداني بما لديه من سجلٍّ ناصعٍ وتاريخٍ معلومٍ.
كما استطرد سيادته متسائلاً عن مبدأ التكاملية وموقعه من هذا القرار الغربي؟ مضيفاً بأنّ المُتوخَّى في المجلس هو إسناد الجهود الوطنية ودعم بناء القدرات بدلاً عن فرض آلية خارجية بديلة على بلدٍ متعاونٍ لأقصى الحدود مع آليات حقوق الإنسان إذا كان الغرضُ فعلاً هو تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا وليس استخدام مظلّة حقوق الإنسان لأغراض الإبتزاز السياسي وممارسة الضغوط كلّما توالت انتصارات القوات المسلّحة السودانية على المليشيا المتمرّدة.
مشدداً على أنّ قراراً بهذه الدرجةِ من التحامل والتسييس يجبُ أن يُواجَهَ بالرفض من جميع الدول التي تصونُ وتلتزمُ بميثاقِ الأمم المتحدة وبقرار الجمعية العامة الذي أنشَأ مجلس حقوق الإنسان ليكونَ بديلاً لسابقته لجنة حقوق الإنسان و يكونُ جهازاً معافىً من التسييس و ازدواجية المعايير، وليس لإستخدام حقوق الإنسان مظلّةً لاستهداف الدول والتدخّل الهدّام في شؤونها.
مشروع مجحف
ويقول الصحافي والمحلل السياسي عاصم البلال الطيب وجدت مليشيا الدعم السريع ومنذ حربها التى شنتها على البلاد في 15 ابريل 2023م مساندة من بعض الدول الكبرى التي تتحرك وفق شيئين إما أن تحاول تعطيل قرار في صالح الدولة السودانية أو دعم قرار يصب في صالح مليشيا الدعم السريع. وأضاف البلال في حديثه لألوان: هذا ما جعل المليشيا تعاند برغم هزائمها الساحقة في الميدان، ولكن كل ذلك يتم نسفه بأيدي المليشيا وجرائمها. واستنكر عاصم مشروع القرار الذي قدمته ما تسمى بمجموعة النواة الغربية والأمر في ظني من بريطانيا لأنها لم تخف دعمها للكفيل، وهو مشروع مجحف في حق الشعب السوداني بعد ما فعلت فيه المليشيات كل الموبقات.
ذريعة
وقال الاكاديمي والمحلل السياسي الدكتور النور آدم أن البيان الذي قدمه مندوب السودان أمام مجلس حقوق الإنسان يعكس بوضوح تمسك السودان بسيادته ورفضه لأي وصاية خارجية تحت ذريعة حقوق الإنسان.
وأضاف النور في تصريح لألوان أن حديث مندوب السودان جاء صريحاً، وركز على ازدواجية المعايير الغربية التي تساوي بين المليشيا المتمرّدة والجيش الوطني، وهو ما اعتبره السفير ظلماً وتشجيعاً على التمرد وإطالة للحرب.
كما حمل البيان اتهاماً مباشراً للدول الغربية بتسييس ملف حقوق الإنسان واستخدامه أداة ضغط سياسي كلما تقدّم الجيش في الميدان. وزاد في قوله لنا: اعتقد أن الخطاب في مجمله يعبر عن تصعيد دبلوماسي محسوب ورسالة قوية بأن السودان لن يقبل بفرض آليات خارجية على مؤسساته العدلية، وأن التعاون القائم مع المفوضية السامية يجب أن يكون كافياً دون تدخل جديد يمس السيادة الوطنية.
ويمكن القول إن خطاب مندوب السودان جاء في توقيت حساس، وفي ظل محاولات غربية لإعادة فرض آلية دولية خاصة بحقوق الإنسان في السودان. ويمضي النور في حديثه قائلا: البيان يُظهر تماسكاً في الموقف الرسمي السوداني، إذ أنه لم يكتفِ بالاعتراض، بل تضمّن اتهاماً مباشراً للدول الغربية بالتسييس والابتزاز عبر آليات حقوق الإنسان، وهي إشارة قوية إلى أن الخرطوم تنظر إلى مشروع القرار باعتباره امتداداً لأدوات الضغط السياسي وليس عملاً حقوقياً نزيهاً.
وختم حديثه: كما أن تساؤله عن مبدأ “التكاملية” يعكس دعوة لإعادة الاعتبار للسيادة الوطنية واحترام النُظم القضائية الوطنية بدلاً من فرض آليات خارجية.