د. عمر كابو يكتب: ما الذي تخشاه الحركة الإسلامية؟
ويبقى الود
د. عمر كابو
ما الذي تخشاه الحركة الإسلامية؟
في دناءة تُحسد عليها، تحاول قحط جاهدة (الله يكرم السامعين) بناء خطاب إعلامي مفاده أن انتصار الجيش يعني عودة الإسلاميين.
هنا لست بصدد الدفاع عن الإسلاميين، ليس لأنني غير مؤهل للدفاع عنهم أو لأنني لا أشغل منصبًا يخولني القيام بتلك المهمة، أو لأي مبررات قد تبدو وجيهة تحول بيني وبين ممارسة حق الدفاع الشرعي عنها.
فقط لست بصدد الدفاع عنها لأنه ليس هناك ما يخيفها أو يشكل خطرًا داهمًا يجعلنا نتصدّى له لكبح جماحه عنها، محافظة وصيانة لها ولكيانها القوي المتين.
الحركة الإسلامية السودانية تعيش أفضل أوقاتها: تماسكًا ووحدة واستقرارًا خلف قيادتها الحالية بقيادة الشيخ علي كرتي، لا تعاني من تشظٍ ولا فرقة ولا انشطارًا. كل همها مؤازرة ومساندة قواتنا المسلحة وحماية وطننا الغالي من مؤامرة دولية تريد تقسيمه وإحداث تغيير جذري (ديموغرافيًا).
مبعث الطمأنينة في ذلك أنه ليس هناك عدو حقيقي أو متوهم يمكن أن يهدد مصيرها، والسبب في ذلك يعود إلى عدة أسباب جوهرية.
السبب الأول: أن عتاة خصومها البارزين كلهم خارج البلاد، يبذلون جهودًا جبارة للظفر بمنصب (خائن عميل) لعيال زايد.
تلك أعظم أمنية يعملون لأجلها، يستحثون الخطى للنيل منها، حتى يضمنوا حفنة دولارات تضمن لهم سبل عيش، حتى ولو كان سبيله لذلك ممارسة (العهر) السياسي.
تواجدهم خارج البلاد منح الحركة الإسلامية مزية رائعة وخاصية متفردة، هي الاحتكاك المباشر بالمجتمع في بلد يقدر أهله المشاركة الاجتماعية أفراحًا وأتراحًا (البعيد عن العين بعيد عن القلب).
فأخلاقيًا، عسير على خصومها السياسيين العودة إلى الوطن، ليس لأن هناك بلاغات جنائية تم قيدها في مواجهتهم، المصيبة أفدح من ذلك بكثير بالنسبة لهم، حيث تنتظرهم مواجهة حامية شرسة مع الشعب السوداني الذي حاصرهم في الخارج. فماذا سيصنع بهم داخل وطنه الذي شردوه منه وساندوا مليشيا الجنجويد التي ارتكبت كل جريمة نكراء ضده؟.
أغرب ما في الأمر أنه ما من هوان من هواناتهم يخرج بتصريح ضد الحركة الإسلامية إلا وتصدى له الشعب سخريةً منه واستهتارًا وإساءة.
تابعوا تصريحات الأبالسة الحمقى العملاء المأجورين الذين يعملون لصالح (تبييض) وجه الدويلة، مستخدمين (فزاعة الكيزان)، ستجدون ردودًا شعبية واسعة ضدهم، أغلبها يصب في صالح (الكيزان).
نماذج لهؤلاء الحمقى، على سبيل المثال لا الحصر، سأكتفي بثلاثة منهم، ملتمسًا من القارئ متابعة ردة الفعل على كل تصريح لهم: عثمان، مبارك الفاضل، وخالد سلك، فقد ظلوا مثار تندر وسخرية وشتيمة عظيمة تجاوزت السقف المتوقع.
مثل هؤلاء لا يستطيعون هز شعرة من مفرق الحركة الإسلامية، التي وجهت وجهتها لله الواحد القهار، الذي بيده الأمر كله من قبل ومن بعد.
لو كانت الأصوات المشروخة تستطيع النيل منها، لما قامت لها قائمة بعد مسيرات ٢٠١٩ المصنوعة، ولو كان القهر والاستبداد يقمعها، لما قامت لها قائمة، وكل رموزها موزعون على المعتقلات، قد صودرت أموالهم وقُهرت أسرهم.
ماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أنها بفضل الله — يهب القبول لعباده (لو أنفقت ما في الأرض ما ألفت بين قلوبهم) — استطاعت استرداد ثقة الشعب السوداني فيها، فقط حين صدقت مع الله.
نعم، صدقت مع الله فاختارت جنابه، تستنفر شبابها وطلابها وشيوخها ونساءها، وتدفع بهم إلى ميادين القتال دفاعًا عن عقيدة وطن، وشرف أمة، وحضارة شعب، وتقاليده المرعية، التي هي أصل في الإسلام: كرمًا وحلمًا وشجاعة وإقدامًا، ورد عدوان ومقاومة ضد الطغيان، والقتل الحرام، وسفك دماء المسلمين، وصيانة محارم الله.
هنا أدرك الشعب السوداني الملهم الفطن أنه مؤامرة دولية خبيثة دبرت له بليل، وهي تصور له (الكيزان) شياطين السودان، فإذا به ينتهي إلى أن الشياطين تلاميذ صغار في مدرسة قحط (الله يكرم السامعين) أخذوا عنها كل خسيسة ورخيصة ودناءة وتفاهة وصفاقة ووقاحة.
نعم، ليس هناك في الساحة السياسية السودانية من ينافسها في الزود عن حياض الوطن وعرضه وحماية أراضيه والمحافظة على ترابه وسيادة قراره.
هي الآن في الصفوف الأمامية جنبًا إلى جنب مع جيشنا العظيم، ترعب مليشيا الجنجويد الإرهابية التي تظهر لأول مرة لكتائبها بعصابتهم الحمراء التي تزين رؤوسهم.
لذلك، لسنا في حاجة للدفاع عنها، فهي أقوى من كلماتنا، تستمد ألقها ونضارتها وعنفوانها، ملاذها وحبل نصرتها المتين هو الله، بينما خصومها يظنون أن القوة والنفوذ بيد ترامب المعتوه وبن زايد كلب الصهيونية المستبد.
وما داموا على هذه القناعة، فلن تهزم الحركة الإسلامية، لو اجتمعت وتكالبت عليها كل الأمم، إلا إذا بدل الله عز وجل ذل البشر الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا.
فليصرخوا ما شاء لهم من صراخ، فإن المعادلة السياسية ستظل ثابتة مستقرة، لن تتغير إلا إذا وجه خصومهم وجهتهم لله رب العالمين، يومها فإن النصر سيكون لعباده المؤمنين: ينصر من يشاء منهم ويعز من يشاء.
هل عرفتم لماذا لا نخشى على مستقبل الحركة الإسلامية؟ من يشك في ذلك فلينظر لوجه عثمان ميرغني حين كان مع الحركة الإسلامية، وليحدق فيه الآن حين جثا عبداً ذليلاً عند أقدام ولي نعمته بن زايد، سيدرك مقصد حديثنا.
كن مع الله يكن معك.