واشنطن .. حراك مستمر لوقف انتهاكات المليشيا وإحلال السلام

واشنطن .. حراك مستمر لوقف انتهاكات المليشيا وإحلال السلام

تقرير: مجدي العجب

في خضم مشهد إقليمي متوتر وأوضاع إنسانية معقدة، تواصل واشنطن حراكها السياسي والدبلوماسي المكثف، في سعي لا يهدأ لوقف انتهاكات المليشيا وإعادة إحياء الأمل بسلام شامل يعيد الاستقرار إلى السودان. وتبدو العواصم العالمية تترقب خطواتها، وهي تراقب بقلق ما يجري على الأرض من انتهاكات تطال المدنيين وتعرقل مساعي التهدئة. ومن داخل أروقة وزارة الخارجية الأميركية، تتعالى الأصوات الداعية إلى تحرك أكثر حزماً يجمع بين الضغط الدبلوماسي والمساءلة القانونية لإجبار الأطراف المتمردة على الانصياع لصوت العقل ووقف نزيف البلاد. وتدرك واشنطن، بما تمتلكه من نفوذ وتأثير في الملفات الإقليمية، أن الطريق إلى السلام لن يُعبد بالتصريحات وحدها، بل بخطوات عملية تعيد الثقة بين الفرقاء وتكبح جماح المليشيا التي عاثت في الأرض فساداً. وبين أمل يتشبث به السودانيون في الخلاص وتحركات دولية تبحث عن صيغة توازن بين العدالة والاستقرار، تتواصل الجهود الأميركية في رسم ملامح مرحلة جديدة، عنوانها الأبرز: لا حرب بعد اليوم بل سلام يصون الإنسان ويعيد للوطن عافيته. وبعد أن أدركت الولايات المتحدة خطورة مليشيا الدعم السريع المتمردة على كل الإقليم وتفهمت الواقع الذي يعيشه كل إنسان في مناطق سيطرتها، وبالرغم من كل المجازر والانتهاكات والإبادة التي مارستها هذه المليشيا، فقد تحركت الولايات المتحدة مؤخراً، طالما أن الهدف هو إحلال السلام في السودان وتفكيك هذه المليشيا.

 

هدنة إنسانية

 

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تتواصل مباشرة مع الجيش وقوات الدعم السريع لإبرام هدنة إنسانية. وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية: “نحض الطرفين على المضي قدماً تجاوباً مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة من أجل هدنة إنسانية، في ضوء الحاجة الملحة إلى احتواء العنف وإنهاء معاناة الشعب السوداني. نحن نعمل مع الشركاء، بما فيها الرباعية، لحل الأزمة في السودان.”

 

عرض أمريكي

 

كشف دبلوماسي غربي رفيع المستوى لسودان تربيون عن تلقي رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عرضاً أميركياً يتضمن رفع العقوبات ومنح فرص استثمارية في قطاع التعدين، مقابل التوصل إلى اتفاق سلام يُنهي الحرب. وأكد الدبلوماسي المطلع على تفاصيل اجتماع سابق بين البرهان ومستشار الرئيس الأمريكي، أن العرض “لا يزال قائماً”. لكن غياب التوافق بين بعض الدول العربية الناشطة في الوساطة، بالإضافة إلى الخلافات بين الجانبين، يعد من أسباب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن هدنة إنسانية بين الجيش وقوات الدعم السريع. وفي سياق متصل، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تواصل الانخراط بشكل مباشر مع القوات المسلحة السودانية والدعم السريع لتسهيل هدنة إنسانية، مشدداً على أهمية تهدئة العنف وإنهاء معاناة الشعب السوداني.

 

الدفاع عن السودان

 

وأعلن السيناتور الأمريكي كريس فان هولين، العضو الديمقراطي عن ولاية ماريلاند، تبنيه دعوة لمجلس الشيوخ لإقرار قانون الدفاع عن السودان، يتضمن تشريعاً يقضي بوقف مبيعات الأسلحة إلى الإمارات إلى حين توقفها عن توريد الأسلحة لقوات الدعم السريع. وأشار السيناتور إلى أن القوات المسلحة السودانية لم تعلن بعد موافقتها على مقترح الهدنة، داعياً الإدارة الأمريكية إلى مواصلة استخدام نفوذها السياسي والدبلوماسي لإنهاء الحرب ووقف ما وصفه بـ”العنف الشنيع” الذي دمّر الشعب السوداني.

 

المليشيا أمام العدالة الجنائية

 

وجدد الاتحاد الأوروبي التأكيد على دعمه لإجراء تحقيق دولي في الجرائم المسجلة بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور خلال الفترة الماضية، مؤكداً دعمه تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الخطيرة بالفاشر، وإدانته الشديدة للاعتداءات التي وقعت ضد المدنيين.

 

جرائم المستشفى السعودي

 

وقال مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل الأمريكية إن قوات الدعم السريع أغلقت منفذ الساتر الترابي المؤدي إلى منطقة قرني بمدينة الفاشر.
ورجح المختبر، استناداً إلى تحليل صور عبر الأقمار الصناعية، إحراق قوات الدعم السريع جثثاً في موقعين بمدينة الفاشر، بينها المستشفى السعودي، مشيراً إلى أن ذلك سيعقد جهود إحصاء عدد القتلى منذ سقوط الفاشر وتحديد هوياتهم وإعادتهم إلى ذويهم.

 

تجفيف التمرد

 

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي د. الرشيد محمد إبراهيم أن الولايات المتحدة ظلت طيلة فترة الحرب تراقب ما تقوم به مليشيا الدعم السريع، وقال: “قوات الدعم السريع وقيادتها مجموعات غير منضبطة، تحارب من أجل الغنيمة فقط، ولذلك لا يمكن السيطرة عليها من قبل قائدها المتمرد حميدتي. التعامل مع هذه القوات هو تجفيفها وقطع امتدادها، وواشنطن تدرك ذلك وتدرسه الآن.”

 

حرج الكفيل

 

وأضاف الأكاديمي والمحلل السياسي د. حسن الطاهر: “واضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تحركت بشكل جيد وجاد في الفترة الأخيرة. ما حدث في الفاشر أحرج حلفاء المليشيات الإرهابية وداعميها، رغم الجرائم السابقة، لكن هذه المرة ارتكبت المليشيا جرائمها في تحدٍ للعالم، مما زاد من حرج الكفيل الإقليمي أمام المجتمع الدولي.” وقال الطاهر إن خطوات تصنيف مليشيا الدعم السريع المتمردة كجماعة إرهابية تسير بخطوات ثابتة، وواشنطن تتحرك لوضع حد لنهاية هذه المليشيا، الأمر الذي سيريح كل المنطقة.