اكتشف أماكن الكتابة الغريبة والرائعة التي لجأ إليها بعض من مؤلفيك المفضلين

نادي الإمتاع والمؤانسة

اكتشف أماكن الكتابة الغريبة والرائعة التي لجأ إليها بعض من مؤلفيك المفضلين

بقلم: هولي إيسارد

يشتهر الكُتّاب بعاداتهم الدقيقة وطقوسهم الخاصة – وقد تطلّب الأمر في بعض الأحيان طقوسًا غريبة حقًا لإلهام بعضٍ من أعظم الروايات التي أحببناها. خذ مثلًا فيكتور هوغو، الذي فرض على نفسه الإقامة الجبرية أثناء كتابة أحدب نوتردام، فحبس ملابسه حتى لا يُغريه الخروج من المنزل، وسمح لنفسه فقط بارتداء شال رمادي كبير أثناء الكتابة. أما الكاتبة البريطانية إديث سيتويل فكانت تختار الاستلقاء داخل تابوت مفتوح قبل أن تبدأ الكتابة. وبالنسبة لترومان كابوتي، فكان يرفض أن يبدأ أو ينهي أي عمل يوم الجمعة، ويُصر على تغيير غرفته الفندقية إن احتوى رقم الهاتف فيها على الرقم 13، ولم يكن يسمح بوجود أكثر من ثلاث أعقاب سجائر في منفضته — إذ كان يخزن البقية في جيب معطفه!. لكن ربما كان الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو الأماكن التي اختار هؤلاء الكُتّاب أن يكتبوا فيها. من المكاتب في الأكواخ إلى الأسرّة والسيارات، نستعرض هنا أماكن الكتابة الغريبة التي اتخذها بعض من كُتّابنا المفضلين ملاذًا لهم.

 

في الحمّام

 

كتب الشاعر رود مَكْيُون كلمات أغانيه في حوض الاستحمام، أما بنجامين فرانكلين فكان يأخذ ما أسماه “حمّامات منشّطة” في هواء غرفته الطلق كل صباح، حيث كان يعمل عاريًا لمدة ساعة تقريبًا قبل بدء يومه. وكذلك كان دالتون ترومبو يكتب في حوض الاستحمام ليلاً، مصحوبًا بببغاء أهدي إليه من الممثل كيرك دوغلاس.
أما أغاثا كريستي فكانت تخطط لقصصها البوليسية في حوض استحمام فيكتوري كبير وهي تأكل التفاح. وقد أوصت مهندس بيتها قبل تجديده قائلة:
“أريد حوض استحمام كبيرًا، ورفًا لأنني أحب أكل التفاح أثناء الاستحمام.”

 

في السيارة

 

كانت جيرترود شتاين تحب الكتابة في مقعد القيادة بسيارتها “ليدي غوديفا” من طراز فورد تي، بينما كانت رفيقتها أليس بي. توكلاس تقوم بالمهمات. تقول سيسيليا بلو جونسون إن شتاين كانت “تستمد إلهامها من حركة المرور في شوارع باريس الصاخبة، حيث كانت السيارات تتوقف وتتحرك بإيقاعٍ تسرب إلى شعرها ونثرها.”
أما فلاديمير نابوكوف فكان يفضل القراءة والكتابة في خصوصية سيارته المركونة، مستخدمًا بطاقات فهرسة صغيرة يكتب عليها، حتى يتمكن من الكتابة أينما ذهب بينما تقود زوجته السيارة في رحلاته لجمع الفراشات التي كان يعشقها.

 

في غرفة فندق

 

كانت مايا أنجلو تستأجر غرفة في فندق بمدينة سكنها وتدفع إيجارها شهريًا، وتقول:
“لدي غرفة نوم بها سرير وطاولة وحمام. معي معجم “روجيه”، وقاموس، والإنجيل، وغالبًا بعض أوراق اللعب وألغاز الكلمات المتقاطعة.”
كانت أنجلو تطلب إزالة جميع اللوحات والزينة من الغرفة، ولا تسمح لأي موظف بالدخول “تحسبًا أن أكون قد رميت ورقة على الأرض — لا أريد أن يتخلص منها أحد.”
ولم تكن أنجلو الوحيدة؛ فقد كتب في غرف الفنادق أيضًا توماس وولف، جاك كيرواك، آرثر ميلر، وويليام بوروز، خاصة في فندق تشيلسي الشهير.

 

أثناء الاستلقاء

 

كان ترومان كابوتي يقول: “أنا كاتب أفقي تمامًا، لا أستطيع التفكير إلا وأنا مستلقٍ، إما في السرير أو على الأريكة ومعي سيجارة وفنجان قهوة.”
ومع تدهور بصر جيمس جويس، بدأ هو الآخر الكتابة في السرير. كان يستلقي على بطنه ليلًا مرتديًا معطفًا أبيض ناصعًا، ويكتب بأقلام تلوين زرقاء سميكة. قالت شقيقته إن المعطف “كان يشع ضوءًا أبيض”، وإن حجم الحروف الكبير جعله قادرًا على قراءة ما كتب.
كذلك كانت إديث وارتون تكتب في السرير، كلبها تحت ذراعها، وتدفع الأوراق بيدها الأخرى لتتساقط أرضًا، لتجمعها الخادمة لاحقًا وتُسلمها للسكرتيرة لطباعتها.
أما مارسيل بروست فكان يكتب في السرير ليلًا، وينام نهارًا، ويعزل ضوضاء الشارع الباريسي عن طريق تغطية جدران غرفته بالفلّين.

 

في كوخ صغير

 

شيّد جورج برنارد شو كوخًا صغيرًا للكتابة في حديقة منزله في هيرتفوردشاير. كان الكوخ يدور على محور، ليتتبع الشمس طوال اليوم أثناء الكتابة. قال شو: “الناس يزعجونني، أتيت إلى هنا لأختبئ منهم.”
سمّى الكوخ “لندن” حتى لا يكون خدمه كاذبين عندما يقولون إنه “ذهب إلى لندن”.
ولم يكن شو الوحيد؛ فـ رولد دال كان يكتب في كوخ حديقته المليء بمقتنياته الغريبة، وهو مفتوح الآن للزوار في متحف رولد دال.
أما ديلان توماس فكان يكتب في كوخ صغير مبني على ركائز على جرف يطل على منزله في بلدة لوغارن، وصفه بـ“الكوخ الملطخ بالكلمات”.

 

أثناء الوقوف

 

رغم أن فيرجينيا وولف حصلت في النهاية على “غرفة تخصها وحدها” (كانت في الحقيقة كوخًا)، إلا أنها في العشرينيات من عمرها كانت تكتب واقفة أمام مكتب يبلغ ارتفاعه نحو متر.
يُعتقد أن سبب ذلك هو أنها لم ترد أن تبدو أقل جهدًا من شقيقتها الفنانة فانيسا بيل التي كانت ترسم واقفة دائمًا. كتب ابن أختها كوينتن بيل: “شعرت فرجينيا أن عملها سيبدو أقل مشقة من عمل أختها ما لم تضع الأمر على قدم المساواة.”
وكذلك كتب إرنست همنغواي واقفًا، وكان مكتبه عبارة عن رف كتب مزدحم لا يبعد سوى أقدام قليلة عن سريره.
أما والاس ستيفنز فلم يكن يجلس أبدًا؛ كان يكتب قصائده على قصاصات ورق أثناء المشي ويسلمها لسكرتيرته لتطبعها لاحقًا.

 

أثناء التنقّل

 

كتب والتر سكوت قصيدته الملحمية مارميون على ظهر حصان أثناء تجواله في ريف إدنبرة، وقال:
“كنت أركض ركضًا رائعًا بين هذه التلال وأنا أفكر في مارميون.”
أما جوزيف هيلر فقد قال إن الجملة الختامية في رواية المصيدة 22 (Catch-22) خطرت له أثناء ركوبه حافلة.
وكتب توم وولف عن رحلاته بينما كان يعيشها فعلاً، إذ وثّق رحلته عبر أمريكا عام 1964 على متن الحافلة “فَذَر (Further)” المليئة بمغامري “المهرّجين السعداء” كين كيسي ونيل كاسادي، في كتابه اختبار حمض الكول إيد الكهربائي.

 

بين الصور الملهمة

 

كان سيباستيان فولكس يعلّق أمامه في كل عمل جديد صورًا لقديسيه الأدبيين: تمثال صغير لتولستوي، نقش برونزي لِديكنز، وصورة مطبوعة لأورويل.
أما ديلان توماس فملأ كوخه بصور لبايرون ووالت ويتمان ولويس ماكنيس و دبليو. إتش. أودن، إضافة إلى قوائم من الكلمات المتجانسة صوتيًا.
بينما اختار رولد دال أن يعلّق اقتباسًا للفنان إدغار ديغا يقول فيه:
“الفن كذبة نعطيها نبرة الحقيقة.”

 

بين أشياء محددة بعناية

 

كان روبرت غريفز يكتب في غرفة تحتوي فقط على أشياء مصنوعة يدويًا، إذ كان يؤمن أن أي شيء آخر يفسد تدفق إبداعه. قال: “أحد أسرار القدرة على التفكير هو أن تحيط نفسك بأقل قدر ممكن من الأشياء غير المصنوعة بيد الإنسان.”
وبالمثل، كان نيكولاس موسلي يحيط نفسه بـ“قطع صغيرة من الفن الشعبي جمعتها من أنحاء العالم”، بينما كان جون شتاينبك يحتفظ دائمًا باثنتي عشرة قلمًا مبريًا بدقة على مكتبه.
أما غوته فقد ذكر أن فريدريش شيلر كان يستلهم رائحة درج مليء بالتفاح المتعفن في مكتبه!.