كمال حامد يكتب: علي قاقرين .. وانطفأ لهيب الرمح

علي قاقرين .. وانطفأ لهيب الرمح

كتب: كمال حامد

+ صدمة وأي صدمة التي أيقظتنا وأدخلتنا في حالة الذهول، فقدنا الكثيرين، ولكن لماذا أصاب بهذه الحالة من السكون والارتباك؟.
ظلت في حالة دعاء متواصل خلال الأيام الماضية للأخ الصديق علي قاقارين، برغم عبارات التطمين التي أتلقاها عن حالته، من صهره الأخ كمال آفرو وشريكة حياته السيدة تهاني محمد سعيد، أسال الله أن يصبرها، ومن الأخ رفيق الدرب الكابتن شوقي.
+ مشوار على قاقارين مشاه بخطاه المتسارعة، علي قاقارين ما كان يمشي مَثلنا أو يجري إنما كان (يشبح) في مسيرته طالبا في الأهلية أو معهد المعلمين العالي أو سلك التدريس أو في السلك الدبلوماسي الأكبر، (شبح) وأكتسب الرضا من الجميع.
في السلك الدبلوماسي (شبح) من أدنى الهرم في سفارتنا بأبيدجان حتى قمة الهرم وكيلا لوزارة الخارجية، مع بصمات لن تخطئها العين.
+ سأعود لشبحاته في الملاعب التي جعلته يحتفظ بالرقم الأكبر (19) هدفا للهلال في شباك المريخ، رقم لم ولن يكسره أحد، لقلة المواهب والغيرة والإستقرار.
+ مرة نظمنا مهرجانا بدار الرياضة بأمدرمان وفي إحدى الفقرات مباراة لدقائق لقدامى لاعبي الهلال والمريخ، وفي آخر دقيقة من المباراة الإستعراضية أحرز هدفا وجرى نحونا في منضدة التعليق رافعا يديه الإثنتين مشهرا أصابعه مرتين بإشارة للرقم عشرين.
+ كان علي قاقارين ساعدي الأيمن في بعض برامج إدارة الرياضة بالتلفزيون من ١٩٩٦م إلى ٢٠٠٦م، وكلفناه بأول برنامح حواري كبير (رؤى رياضية) وكانت شخصيته سببا في نجاح البرنامج وموافقة الشخصيات المميزة للمشاركة.
+ كان الضيف الثابت في الأستوديوهات التحليلية للمباريات إلا أن يكون خارج السودان، ومرة بعد حلقة شهيرة من برنامح (عالم الرياضة) قبيل مباراة المريخ والأهلي المصري، طلبت منه أن نتوجه لمعسكر المريخ ورحب سعيدا مبتسما حين أردد له دائما بأنه (ولدنا) وبكل رحابة صدر يعترف: (بديت الكورة في المريخ وأول أهدافي كان بشعار المريخ في مرمى نيل مدني).
+ علي قاقارين ضرب أحد أروع الأمثلة بأن الدم والاخوة تعلو ولا يعلى عليها، في مباراة قمة مهمة أحرز هدفا للهلال، وتعرض شقيقه جعفر قاقارين لإصابة بليغة كسر مركب سمع صوته الجميع، وحمل بالنقالة التي يحمل أحد أطرافها شقيقه نجم الهلال علي قاقارين، وتقرر اللحاق بالمصاب للمستشفى وواصل الأخ الأصغر بشعار الهلال حاملا الأخ الأكبر بشعار المريخ إلى داخل الإسعاف وكان يرد على الأهلة: (كَورة شنو؟ دا أخوي)، وكان هذا أحد علامات الاحترام الكبير الذي يحيط به.
+ مرة في نيروبي وأنا في مهمة تغطية لإحدى مفاوضات السلام إلتقيتاه وكان معي أربعة من الزملاء الصحفيين غير الرياضيين، سحبني وهمس في أذني: (لا أجد فرصة لشراء هدية لكم وهذه ألف دولار لكم الخمسة لشراء الهدية).
+ معرفتي اللصيقة بعلي قاقارين في السعودية أظن عام ١٩٩٦م وهو لاعب محترف بنادي النصر مع رفيقه الأخ مصطفى النقر وحضر لجدة لأداء فريضة الحج وبلغني بأنه لن يعود للرياض، وأنه بمساعدة الأخ القنصل محي الدين خواجة رحمه الله استخرج وثيقة للعودة للخرطوم تاركا جواز سفره بالنادي واللحاق بالوطن والهلال والأهل.
+ قبل سنوات قليلة أوصلت له دعوة الاخوة في الرابطة الرياضية بالاحساء وحضر مع أسرته وإنهالت الدعوات من الروابط وقضيت معه أياما عديدة متجولين في مدن المملكة اختتمناها بجدة في حفل كبير كان نجماه أشهر هدافي الكرة السودانية علي قاقارين وماجد عثمان وتحدثا عن أهدافهما الذهبية وعلاقات لاعبي الجيل الذهبي وبكيا وأبكونا جميعا.
+ لو أود الحديث عن علي قاقارين لإحتجت لأيام وأسابيع، فالرجل صديق الجميع لا تمنعه نجوميته ومكانته العلمية والوظيفية من الإلتصاق بالناس وكان وهو النجم الكبير يجلس مع المشجعين في (برش نادي الهلال).
+ حدثنا صهره الأخ كمال آفرو بما حدث ليلة زفافه من شقيقته وكيف أن الآلاف من جماهير الهلال تحركت من النادي الذي لا يبعد من (بيت العرس) سوى خطوات، ويسأل كمال آفرو للآن نحن في الأسرة لا نعرف سر قيامنا بواجب الضيافة لكل تلك الآلاف من البشر.
+ أكتفي بهذا القدر الآن وأسال الله أن أتماسك وأعود مرة أخرى ومرات للكتابة عن علي قاقارين.
+ سألك يا الله أن تقبل عبدك حيدر فيما يرضاه وقد كان عبدا مؤمنا موحدا لك محافظا على صلواته قريبا من أهله وكل أهل السودان، إلهي عوض معاناة مرضه الأخير وصبره بالجنة كما وعدت ووعدك الحق، إلهي كما صبرتنا على الفجيعة صبر أسرته الصغيرة زوجته وبناته الخمس وأحفاده، وأسرة الهلال الكبيرة وأسرة الرياضة في السودان والأسرة الكوارتية العريقة التي قدمته للسودان والرياضة كما قدمت العديد من الوجوه الطيبة.
+ لا نقول إلا ما يرضى الله ونقدم أنفسنا للعمل الجاد بتخليد الكابتن الكبير الرمح الملتهب وتوثيق سيرته العطرة للأجيال، مع الاخوة بنادي الهلال و هذا ما يكون ردنا لعلي قاقارين مع الدعوات المتواصلة.
إنا لله وإنا إليه راجعون