ما بينهما .. التجاني يوسف بشير وإدريس جماع

ما بينهما
التجاني يوسف بشير وإدريس جماع
بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
أغلب الظن أن ما كان إنتاجًا شعريًا لهما لم يكن للناس له قدرة استيعابية لفهمه أو حتى مناقشته إضافة لحياة البساطة والعزلة الخاصة التي عاشا فيها بعيدًا عن الناس وثرثرتهم الفارغة.
وأغلب الغالب من الظن أنهما كانا يدركان أن المجتمع غير متماسك في جوانب الوعي والاستنارة لطرح أسئلة يصعب الإجابة عليها مثل علاقة الإنسان بربه أو تعدد الديانات في المجتمع أو حتى علاقة الرجل بالمرأة.
في سودان الثلاثينيات لنظرة التجاني يوسف بشير لم يكن ما سبق مسموحًا بالجهر به رغمًا عن عدم تجاوزه للدين والأخلاق وهو كذلك ما كان مثيلًا لحياة جماع في سودان الخمسينيات والستينينات.
الاثنان لم يكونا من شخصياتنا التي تماثلنا فهمًا وادراكًا للحياة بل كانا في تأمل وبحث للمجتمع وحياة أهله فتجاوزا الفهم المبسط الذي كان الآخرين يفكرون فيه،
وأنتج ذلك نظرة اتهامية لهما بالإلحاد والزندقة وهما برئيان من ذلك.
أنظر لمعاناتهما في حياتهما فالفقر أطبق عليهما والحياة أسودت في وجههما فإبتعدا عن الناس، وعاشا يكتبان ويكتبان حتي اقتنع القليل من ذوي الفهم والبصيرة بعدم الإلحاد والزندقة، وذلك من خلال أشعارهما الضاجة بالإيمان وتقوى الله.
عاش الاثنان مرارة نظرة المجتمع لآراءهما وزاد الأمر ضنكًا وعذابًا تلك أرواحهما النقية الحساسة بعد قصتي حب عاصفتين لهما.
فالتجاني تعذب عذابًا قضى عليه موتًا بسبب المرض حبا للتي كتب لها أجمل قصائد الحب.
أما جماع فقد هام على وجهه متيمًا بحب خالد لم يكن من السهولة لشخص مثله أن يتناساه.
الاثنان من نماذج إهمال المجتمع لشخصيات ذات معرفة ونقاء إنساني تم تدميره والتعدي عليه عن قصد حسد الحاسدين ومدمري الإبداع.
الاثنان نموذج حي لما تعاني منه الثقافة السودانية والمجتمع السوداني تلك الآفة التي لن تنتهي، الحسد وتدمير الشخصيات.