يوسف عبد المنان يكتب: الخبرة أم التأهيل؟

خارج النص

يوسف عبد المنان

الخبرة أم التأهيل؟

يشفق المرء على رئيس الوزراء كامل إدريس وهو في حيرة من أمره كيف يختار وزراء حكومته من التكنقراط غير الحزبيين كما قال في خطابه، أين يجدهم هل في الجامعات التي تناسلت وأصبح في كل محلية ومدينة وقرية جامعة حتى محلية الدبب التي أقطع ذراعي اليمين لو علم السيد إدريس موقعها دون الإستعانة بعمه قوقل،
أم يبحث عن الخبرات والتجارب؟. ولكن أغلب الخبرات ارتبطت سيرتها إما بنظام الإنقاذ أو نظام القحاتة الذي رغم قصره وسوء مقاصده إلا أن هناك خبرات لاتخطئها العين. وحتى العسكريين بعد 6 سنوات من السلطة أصبح بعضهم رجال دولة لا يمكن التقليل من مافي جعبتهم من قدرات في إدارة شأن الدولة. ومع اقرارنا بأن المعضلة التي تواجه رئيس الوزراء ليس في اختيار الأشخاص بقدر ما المشكلة في البرنامج والخطط التي يفترض طرحها للرأي العام على الأقل لتصبح حكومة الأمل التي وعد بها الرئيس كائنًا يحسه الناس وليست مجرد تعابير أنيقة وتحف في قناني وسيمة.
هل اختيار الكفاءات التي نالت تأهيلًا أكاديميًا رفيعًا في أكبر الجامعات الغربية وحصلت تلك الكفاءات على درجات رفيعة مثل الدكتوراة والماجستير والتدريس في جامعة هارفارد أو مانشستر أو برمنغهام يحقق ذلك النجاح والنهوض ببلد جاثية الآن على ركبتيها؟
التاريخ كتاب منه نتعلم الدروس ونعتبر بالعبر ولنقرأ معًا ماكتبه دكتور منصور خالد في مذكراته (شذرات من هوامش على سيرة ذاتية) في صفحة 358 من المجلد الثاني كتب منصور خالد: (أن حكومة نميري كانت تضم يومذاك رتلًا من الوزراء ونواب الوزراء والوكلاء تخرجوا في كبريات الجامعات الأمريكية. ويحضرني في هذه المناسبة تعليق لأندرو يونق سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة عندما دعوته في منزلي للاجتماع بنخبة من أولئك الوزراء، فعند تقديمي لهؤلاء الوزراء إلى يونق أشرت إلى تأهيلهم الأكاديمي والمهني في الولايات المتحدة. فما كان من السفير إلا أن قال سأبلغ الرئيس الأمريكي كارتر أن في حكومة نميري وزراء تخرجوا في الجامعات الأمريكية ونالوا منها أعلى الدرجات أكثر مما في حكومتنا). انتهت فقرة الاقتباس من تلك الوثيقة الهامة، ولكن السؤال الذي لم يطرحه منصور خالد أو يجيب عليه ماذا أفادت تلك الكفاءات بلادها السودان؟ ولو كانت فعلًا على قدر من الأداء والخيال والتخطيط الذي يتوافق هذا التأهيل لما تردت بلادنا على نحو جعلها موطنًا لأمراض الكوليرا والسل ومسرحًا لحروب وصراعات آخرين جعلوا من أرضنا مسرحًا وميدانًا لحروبهم.
فهل يعتبر كامل إدريس بالماضي القريب والبعيد ويعيد قراءة كتاب صعود وسقوط الدول للكاتب الإيراني علي رضا عله يجد ما أشتكل عليه في عبر التاريخ القريب