الحاج الشكري يكتب: صحفيون حول كامل إدريس

نقطة وسطر جديد

الحاج الشكري

صحفيون حول كامل إدريس

كان الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران صديقًا حميمًا للكاتبة الفرنسية الشهيرة فرنسواز ساجان، وتعود أن يزورها في بيتها أسبوعيًا. فلما تم انتخابه رئيسًا انقطعت ساجان عن الاتصال به. وبعد عدة أسابيع إتصل الرئيس ميتران بها ليستفسر عن سبب انقطاعها عنه فأجابته: (انت صديقي يا فرنسوا لكنك أصبحت رئيسًا للجمهورية، وأنا لا أطيق رؤساء الجمهوريات لأنهم مملون ومصطنعون). هنا أكد لها ميتران أنه نفس الصديق القديم، وأن المنصب لايمكن أن يغيره. فإشترطت عليه ساجان أن يأتي إلى بيتها بصفته الشخصية كما كان يفعل في الماضي، وفعلًا ترك رئيس الجمهورية الفرنسية أفراد حراسته بعيدًا عن بيت ساجان وحمل باقة من الزهور وسار على قدميه، فوجدها واقفة على الباب واستقبلته بود كعهدها القديم.
هذه القصة نهديها لأصدقاء دكتور كامل إدريس من الزملاء الصحفيين الذين أصبحوا ملازمين له وعلى تواصل به أكثر من السابق كما وردنا من معلومات. عليهم أن يعلموا أن المسلم والسوداني الأصيل أكثر عزة وأرفع هامة وقامة من أي خواجة أو فرنسي، لهذا عليهم أن لايفرضوا أفكارهم عليه وأن لا يكونوا ثقيلين عليه وأن لا يؤثروا عليه فالدكتور كامل إدريس لم يعد حكرًا لأحد حتى يقول أحد هؤلاء الصحفيين أنه يعكف هذه الأيام لكتابة برنامج لكامل إدريس. على هؤلاء الزملاء المحترمين أن يكتبوا أفكارهم في الهواء الطلق لعامة السودانيين ليأخذ منها كامل إدريس ما يتوافق مع برنامج المرحلة وليناقشهم الآخرين في أفكارهم وعليهم أن يفعلوا ذلك إلى حين صدور قرار من مكتب رئيس مجلس الوزراء بتعيين مستشار اعلامي إلى ذلك الحين عليهم أن لايريقوا ماء وجوههم لإرضاء أحد، فالكاتب الحقيقي مكانته وكرامته فوق كل شيئ ومثل هذا عندما يتكلم أو يكتب يصمت الجميع ليتعلموا ويستفيدوا. وأظن أن بعض أصدقاء كامل إدريس من هذا النوع وبعضهم لا قيمة ولا تأثير لهم، فأنا أعرف بعضهم عن قرب دون أن أسمي بالإسم فهم معروفين للجميع.
لا أحد يتحكم في خيارات واختيارات كامل إدريس لصداقاته وأصدقائه فهذا شأن خاص جدًا لا أحد يستطيع أن يعترض عليه حتى من أهله المقربين، لكن عليه أن يستمع لجميع الصحفيين الوطنيين الذين لم يغادروا تراب هذا الوطن رغم حجم المخاطر التي كانت تحيط بهم من كل جانب.
على كامل إدريس أن يعلم أن الصحافة والأدب هما من أعمدة المجد لهذا الوطن ولهذا ما دخلت مليشيا الدعم السريع في مدينة أو حي أو فريق في أي منطقة من مناطق السودان التي اجتاحتها وأستباحتها وإلا كان بحثهم عن العسكريين والصحفيين والسياسيين دون أن تفرز بينهم ولم يسلم منهم إلا من ينتمي للقحاتة فكرًا ووجدانًا ومساندة. فكم نكلت واعتقلت وقتلت من الزملاء وهم يقومون بذلك لعلمهم أن هؤلاء من معالم هذا الوطن التي يجب أن تطمس ويمسح أثرها مع خريطة الوطن ليستقبل السكان الجدد والثقافة الجديدة وهم يعلمون أن مشروعهم لا يمكن أن ينجح في ظل وجود كتاب وصحفيين يحملون قناديل الوعي التي تضئ الطريق أمام هذا الشعب العظيم
السودان من البلدان التي تحترم كتابها وأدبائها وشعرائها ورموزها ولنا آلاف الأمثلة التي تعكس هذا الإحترام ولهذا يجب أن يكون كامل إدريس امتداد لهذا الاحترام دون أن يقرب أصدقائه ويغلق بابه في وجه الآخرين.
عزيزي دكتور كامل إدريس أعلم أنه من بلغ كرسي مجلس الوزراء ولم يعدل بين جميع السودانيين دعك من الصحفيين فقد ضيع فرصته هدرًا.