مجزرة كلوقي .. العالم يتفرج على انتهاكات المليشيا

مجزرة كلوقي .. العالم يتفرج على انتهاكات المليشيا

 

تقرير: الهضيبي يس

أدانت وزارة الخارجية في بيان لها المجزرة البشعة التي ارتكبتها المليشيا المتمردة في منطقة كلوقي بولاية جنوب كردفان في حق المواطنين العزل والأطفال. وقالت الوزارة إنّ ماحدث يعتبر امتداد لحملة الإبادة الجماعية التي تنفذها مليشيا الدعم السريع بحق مجموعات سكانية بعينها بالسودان؛ مشيرة إلى أن ضحايا المذبحة الجديدة بمدينة كلوقي، راح ضحيتها 79 من المدنيين، من بينهم 43 طفلاً و6 نساء. ما يؤكد أن هدفها كان إيقاع أكبر عدد من القتلى بين المدنيين؛ إذ قصفت في البداية روضة أطفال بصواريخ من طائرة مسيّرة، مما أدى لمقتل عدد كبير من التلاميذ. وعندما هبّ المواطنون لإنقاذ الأطفال المصابين عاودت المليشيا قصف الروضة لتقتل عدداً منهم بمن فيهم أطفال لم يُصابوا في المرة الأولى. ولم تكتفِ المليشيا الإجرامية بذلك، بل لاحقت الضحايا والمسعفين في المستشفى الريفي الذي نُقل إليه المصابون بالقصف، ليرتفع عدد الضحايا إلى 79 قتيلاً و38 جريحاً.

 

 

 

وقالت الوزارة أن استهداف الأطفال والمصابين بهذه الطريقة الفظيعة يمثل سابقة لم يعرف العالم مثيلاً لها، حتى من أشد جماعات الإرهاب توحشاً. ويقدّم ذلك دليلاً جديداً على أن المليشيا الإرهابية تترجم تجاهل المجتمع الدولي لفضائعها المتواصلة على أنه تشجيع وإقرار لتلك الجرائم. وأكدت الوزارة أن الداعمين لمليشيا الدعم السريع ومجلس الأمن بالأمم المتحدة، والفاعلون الدوليون، يتحملون المسؤولية عن استمرار هذه المجازر، فقد عجز مجلس الأمن والأطراف الدولية المعنية عن مجرد متابعة تنفيذ قرار المجلس برفع الحصار عن الفاشر ووقف الهجوم عليها، وتجاهلوا التحذيرات المتتالية من إبادة جماعية وشيكة بالمدينة. واكتفوا – بعد وقوع الإبادة الجماعية التي لا تزال مستمرة – بإدانات لفظية لم تترجم إلى إجراءات تحدّ من قدرة المليشيا الإرهابية على ارتكاب مثل هذه الفظائع. وذلك يدمغ بأنه لا سبيل للتعايش مع هذه المليشيا التي تفتقد لأدنى درجات الحس الإنساني والالتزام بأي عرف أو قانون.
وبالمقابل، أدان حاكم إقليم دارفور ما حدث بمدينة كلوقي. وقال مناوي: مجزرة كلوقي جريمة بشعة. وكتب عبر صفحته الرسمية: “أدين الجريمة البشعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة أمس في محلية كلوقي بجنوب كردفان، بعد استهدافها المستشفى ورياض الأطفال وقتل أكثر من سبعين طفلاً وأمهاتهم وآبائهم وهم آمنون. وأضاف مناوي: إن ما حدث مأساة إنسانية وجريمة بشعة ارتكبت أمام أعين العالم، وفي ظل صمت دولي مؤلم تجاه الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون يوماً بعد يوم. نقف مع أسر الضحايا وأهالي كلوقي، ونؤكد أن هذه الجرائم لن تمر دون محاسبة، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي مع من يقتل الأطفال والنساء، وسنمضي بلا تراجع في واجبنا ومعاركنا لحماية شعبنا وإنهاء معاناته.”
ويشير الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالجواد علي إلى أن ما قامت به مليشيا الدعم السريع من مجزرة بولاية جنوب كردفان، بخلاف كونه يحمل طابع التطهير العرقي واستهداف المواطنين العزل، فهو أيضاً رسالة واضحة لوضع الحركة الشعبية بقيادة الحلو ومواطني جنوب كردفان أمام خيارات صعبة؛ منها الاصطفاف مع الدعم السريع والقتال ضد بقية الشعب السوداني، أو التعرض للقتل والتنكيل والنهب والسلب.
وأضاف: على ما يبدو مما حدث أن العلاقة بين الحلو والدعم السريع لم تعد على ما يرام، وذلك نتيجة لموقف أبناء وقيادات جبال النوبة حيال الدعم السريع وحكومته المسماة “تأسيس”، وانخفاض سقف التوقعات من حيث القتال وانضمام عناصر ومنسوبي الحركة الشعبية لمليشيا الدعم السريع لتنفيذ مخطط الزحف نحو عدة مناطق بغرب السودان. وزاد عبد الجواد: على السودانيين عدم التعويل كثيراً على المجتمع الدولي في اتخاذ أي خطوات تجاه الدعم السريع وداعميه إقليمياً ودولياً، بل تظل عملية تصميم خطاب إعلامي وسياسي جديد لمجابهة انتهاكات الدعم السريع بحق المدنيين العزل ضرورة، فضلاً عن إعادة ترتيب الواقع العسكري وتكثيف المجهودات وسط المجتمعات المحلية بما يعزز الوعي والمعرفة بضرورة التصدي لخطر الدعم السريع. بينما ما حدث في جنوب كردفان يكاد يدحض أي مساعٍ مرجوة للأسرة الدولية في إقامة أي سلام في بلد مثل السودان، بل يزيد من هوة أي أمل مرتقب للتوصل لاتفاق سياسي وعسكري لإنهاء الحرب.