ناجون من الفاشر: عشنا على علف الحيوانات ومياه الأمطار

في ظل تصاعد الانتهاكات وتدهور الأوضاع في شمال دارفور، حذرت منظمات دولية من أن بعض الأطفال الفارين من مدينة الفاشر يصلون إلى مخيمات النزوح في حالة صحية حرجة، وسط تقارير تؤكد استخدام المجاعة كسلاح في النزاع المسلح.

أفادت منظمة دولية عاملة في السودان، أن أطفالاً فرّوا من مدينة الفاشر إلى مخيم إنساني في شمال دارفور وهم يعانون من سوء تغذية حاد، إلى درجة أن بعضهم لا يستجيب للعلاج. وقالت ماتيلد فو، من المجلس النرويجي للاجئين، إن الرحلة من الفاشر إلى طويلة، عبر مناطق صحراوية قاسية، تسببت في وصول النازحين وهم في حالة جفاف شديد، حتى أن بعضهم لم يكن قادراً على الكلام. وأوضحت أن عدداً من السكان قالوا انهم اضطروا للعيش على علف الحيوانات ومياه الأمطار، مشيرة إلى أن جهود الإغاثة قد لا تكون كافية لإنقاذ جميع الأطفال الذين فروا من الحصار، حيث استُخدمت المجاعة كسلاح في الحرب.

وأضافت فو أن هناك أطفالاً عانوا من الجوع وسوء التغذية في الفاشر خلال الأشهر الماضية إلى درجة أن فرص نجاتهم باتت ضئيلة حتى مع تلقي العلاج. ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة قبل أسبوعين، وصل نحو عشرة آلاف شخص إلى بلدة طويلة، التي كانت تستضيف بالفعل أكثر من ستمائة ألف نازح منذ أبريل الماضي. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فرّ حوالي اثنين وثمانين ألف شخص من الفاشر والمناطق المحيطة بها منذ السادس والعشرين من أكتوبر، بينما أعرب موظفو المجلس النرويجي للاجئين عن قلقهم من أن آلافاً لا يزالون في عداد المفقودين.

ويُقدّر عدد المحاصرين داخل مدينة الفاشر بنحو مئتي ألف شخص، وفقاً لشهادات سكان محليين. وكانت الفاشر، التي تعاني من المجاعة، آخر معقل للجيش السوداني في إقليم غرب دارفور قبل أن تسقط في يد قوات الدعم السريع بعد حصار استمر ثمانية عشر شهراً. وأفاد شهود عيان بوقوع عمليات قتل جماعي عقب سيطرة القوات على المدينة، في حين نفت قوات الدعم السريع ارتكاب أي انتهاكات، مؤكدة أنها تعمل على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسكان.

ووصف المجلس النرويجي للاجئين حالة النازحين في طويلة بأنها “مقلقة”، مشيراً إلى أنهم يعانون من صدمة نفسية شديدة، في ظل اكتظاظ المخيمات ومحدودية الموارد، بما في ذلك نقص الإمدادات الأساسية مثل الصابون والماء. وأكدت المنظمة أن هذه الظروف تجعل من الصعب إنقاذ الأرواح، خاصة في ظل استمرار تدفق النازحين من مناطق النزاع. وفي تطور جديد، وافقت قوات الدعم السريع على مقترح لوقف إطلاق النار لأغراض إنسانية، بينما لم يصدر أي رد رسمي من الجيش السوداني حتى الآن.

وأُعلن يوم الخميس أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة طارئة لمناقشة الوضع في مدينة الفاشر، في ظل تصاعد الانتهاكات وتدهور الأوضاع الإنسانية. وتأتي هذه الخطوة بعد أن أودت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اندلعت في أبريل 2023، بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص، وتسببت في انتشار الجوع على نطاق واسع، وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف القتال وضمان حماية المدنيين.